الاثنين، 17 نوفمبر 2008

التحول الديموقراطي في افريقيا

مقدمة:

كانت القارة الأفريقية محلاً للمنافسة بين القوى الدولية الكبرى لعهود طويلة، فقد بدأ الاحتكاك الأوروبي بأفريقيا عن طريق المستكشفين والتجار والبعثات التبشيرية منذ القرن الخامس عشر حيث أبحرت السفن البرتغالية إلى سواحل غرب أفريقيا، وانشأ البرتغاليون عدداً من الحصون الساحلية مارسوا من خلالها تجارة مربحة في الذهب والعاج والعبيد. وقد ازدهرت حركة تجارة العبيد في تلك الفترة، وشارك فيها تجار هولنديون وبريطانيون وفرنسيون إلى جانب البرتغاليين فيما أطلق عليه: «مثلث الأطلنطي للتجارة» حيث كان التجار الأوروبيون ينقلون العبيد الأفارقة عبر المحيط الأطلسي للعمل كمزارعين في الأراضي الأمريكية، ثم تنقل المحاصيل الزراعية إلى أوروبا لبيعها.
وفي أواخر القرن التاسع عشر تدافعت القوى الأوروبية للسيطرة على القارة الأفريقية فيما أطلق عليه: «التكالب الاستعماري على أفريقيا» والذي كرسه مؤتمر برلين 1884م بوضع القواعد العامة لتأسيس مناطق الهيمنة للقوى الأوروبية الرئيسية (بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، ألمانيا) في القارة الأفريقية. وقد صورت هذه القوى الأوروبية مهمتها على أنها تهدف إلى نشر الحضارة والمدنية في كافة مناطق العالم المتخلف ومنها أفريقيا، إلا أن هذا الاستعمار كان السبب الحقيقي لتخلف القارة؛ حيث استنزف مواردها الطبيعية ووجهها لخدمة الاقتصاد الأوروبي.
وفي أواخر خمسينيات وستينيات القرن العشرين بدأت الدول الأفريقية تحصل على استقلالها تباعاً. ورغم تراجع أهمية ومكانة القوى الأوروبية التقليدية التي كانت تسيطر على أفريقيا إلا أن التنافس الدولي في القارة استمر مع تغير الفاعلين الرئيسيين. ففي ظل نظام القطبية الثنائية الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية حلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق محل القوى الأوروبية التقليدية مع اعتراف الولايات المتحدة بمصالح تلك القوى التقليدية في القارة الأفريقية؛ فقد انتقل الصراع بين القطبين في مرحلة الحرب الباردة إلى الساحة الأفريقية، ولكن اهتمام القطبين بالقارة في تلك الفترة تركز على محاولة استقطاب الدول الأفريقية بهدف العمل على زيادة كل طرف لنفوذه واحتواء الطرف المضاد.
مع نهاية الحرب الباردة ظهرت عدة مؤشرات ودلائل على تراجع الأهمية الإستراتيجية للقارة الأفريقية، وظهر اتجاه بارز في أدبيات العلاقات الدولية يؤكد أن القارة الأفريقية لم تعد تحتل أهمية كبيرة للدول الكبرى الأوروبية أو للولايات المتحدة الأمريكية مستنداً في ذلك إلى تناقص معدلات المعونات والقروض الموجهة من تلك القوى إلى القارة الأفريقية، أو الربط بين تقديم المعونات وبين مدى التزام الدول الأفريقية بالتحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان فيما أصبح يعرف باسم: «المشروطية السياسية». وفي الوقت نفسه أدى بروز دول أوروبا الشرقية وإتباعها نهج الإصلاح

الاقتصادي إلى لفت انتباه القوى الكبرى إلى هذه الدول، وتخصيص قدر متزايد من المعونات والقروض إليها على حساب المعونات والقروض الموجهة إلى الدول الأفريقية.
بذلك فإن القارة الأفريقية تضاءلت أهميتها على المستوى الجيوبوليتيكي؛ حيث تراجعت أهميتها الإستراتيجية كمسرح للصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي. كما تراجعت أهميتها تنموياً؛ حيث عاد مركز الثقل إلى دول وسط وشرق أوروبا باعتبارها تمتلك بنية أساسية اقتصادية مناسبة إلى حد بعيد لعمليات التحول نحو الليبرالية واقتصاد السوق. ولكن مع منتصف التسعينيات بدأ اتجاه تهميش القارة الأفريقية في التراجع؛ حيث برز التنافس الاقتصادي بين القوى الكبرى (خاصة الولايات المتحدة وفرنسا) في القارة.
تعد كينيا نموذجا للدول الإفريقية التي تنافس الغرب من اجل الاستحواذ عليها خاصة بعد الحرب الباردة وانتشار موجة التحول الديمقراطي سواء كانت برغبة من هاته الدول أو مفروضة عليها.
ومنه نطرح الإشكال التالي:
ما مدى تأثير العوامل الداخلية والخارجية في عملية التحول الديمقراطي في إفريقيا؟وأيهما اشد تأثيرا في التجربة الكينية؟
للإجابة على هذه الإشكالية طرحنا هذه الفرضية:

- عملية التحول الديمقراطي كانت نتيجة لتأثير البيئة الخارجية على دول القارة الإفريقية وهذا لافتقارها لأسس وقواعد داخلية متينة .
- عملية الدمقرطة في كينيا كانت نتيجة للانقسامات الداخلية والمطالبة بإدخال إصلاحات سياسية و المشاركة في الحكم الإضافة إلى العوامل الخارجية.
وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على المنهج التاريخي لأنه الأنسب لسرد مختلف المراحل التي مر بها. عملية التحول الديمقراطي في إفريقيا.
وكذا على منهج دراسة الحالة على اعتبار أننا بصدد دراسة التحول الديمقراطي في كينيا.
ومحاولة منا للإجابة عن الإشكالية المطروحة أعلاه، وكذا محاولة تغطية الفرضيات في مستوى التحليل تم تناول الموضوع من خلال فصلين:تضمن الفصل الأول العوامل الداخلية و الخارجية للتحول الديمقراطي في إفريقيا.
أما الفصل الثاني فقد تضمن نموذجا لعملية التحول الديمقراطي وهي دولة كينيا وقد تم دراسة أهم الأسباب التي أدت إلى عملية التحول الديمقراطي .




الفصل الأول:التحول الديمقراطي في إفريقيا
إن القول الإفريقي المأثور الذي ينص على أنه "في حالة تصارع فيلين كبيرين فإن الحشائش من تحت أقدامهما هي وحدها التي تعاني"، يؤكد على معنى ومدلول الوضعية الهامشية التي تحتلها إفريقيا على الصعيد الدولي منذ نهاية القرن التاسع عشر، إذ لا يخفى أن إفريقيا كانت ولا تزال بمثابة نظام إقليمي تابع في المنظومة الكونية، ومن المرجح أن تظل كذلك في الألفية الثالثة من الميلاد. وقد شهدت مرحلة ما بعد الحرب الباردة تبدلاً في أوضاع ومقتضيات التفاعلات الخارجية لإفريقيا؛ حيث أضحى التنافس من أجل الأسواق والنفوذ وتحقيق المصالح مفتوحًا أمام الدول الكبرى كافة.
المبحث الأول:العوامل الداخلية للتحول الديمقراطي في إفريقيا
المطلب الأول: الأوضاع السياسية:
تتكون أفريقيا حاليا من ‏53‏ دولة‏، ‏ وهذا الرقم يرسم صورة التجزؤ والتفكك والتمزق السياسي. وفي أفريقيا اليوم يبلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 140 حالة لكل 1000 طفل، كما أنّ معدل الحياة المتوقعة عند الولادة لا يتجاوز 54 عاما، ويحصل 58 % فقط من السكان على مياه نظيفة، ويصل معدل الأمية بين السكان الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاما 41 %.(1)
(1):عبد الله تركماني، جدل التنمية و الديمقراطية في العالم العربي و إفريقيا.متحصل عليه:
Http://www.thissyria.net/2007/08/30/writers/02.htm#top
إنّ الدول الأفريقية، التي بدأت موجة الاستقلال الكبرى الأولى من القوى الاستعمارية عام‏1960‏، ردد قادتها شعارات الحرية والتنمية الاقتصادية كسبيل للنهوض بدول القارة‏،‏ بيد أنّ الشعارات والأهداف الأفريقية النبيلة التي التفت الشعوب من حولها سرعان ما انتكست‏،‏ مما أدى إلى تدهور الأوضاع‏،‏ وهو ما أسفر عن إهدار العديد من الدول الأفريقية لفرص التقدم والنمو الاقتصادي‏.‏(1)
وثمة إجماع في الرأي، من جانب عدد من الخبراء المعنيين بالشؤون الأفريقية،‏ أنّ أبرز أسباب إهدار إفريقيا لفرص التقدم هي‏:‏
- أولا‏: غياب النظم الديمقراطية‏:
وليس أدل على ذلك من أنّ أفريقيا صارت ساحة مفتوحة لتعاقب الانقلابات العسكرية، كما تبني العديد من الزعماء الأفارقة نظام الحزب الواحد لحكم بلادهم. التكيف الأيديولوجي وأسس الشرعية: كانت المشكلة التي واجهت الزعماء الأفارقة في الفترة التالية لنهاية الاستعمار هي كيفية خلق الشرعية لنظمهم وتبني التكيف الملائم، ولم تكن الديمقراطية الليبرالية علي أجندة سياستهم. وكان المنطق الذي قاد فكر الزعماء الأفارقة بعد الاستقلال هو قانون البقاء. و على سلم أولوياتهم كيفية قبول الشعوب لهم.

(1):المرجع نفسه.
وقد اقتضي تحويل وجهة النظر هذه إلي واقع ضرورة الاهتمام بتنظيم الأحزاب السياسية من خلال برامج قابلة للتطبيق وتحريك الناخبين من أجل كسب الانتخابات.
‏ مما أشاع عدم الاستقرار السياسي في العديد من دول القارة‏.‏
- ثانيا‏:‏ غياب نظم الحكم الرشيدة في العديد من الدول الأفريقية:
مما أدى إلى تفشّي: الفساد‏‏، والقبلية‏‏، والنزاعات العرقية التي عبرت عن نفسها في سلسلة جهنمية من الصراعات العرقية والحروب الأهلية التي دمرت إمكانيات التقدم‏(1).‏ ‏ -ثالثا:‏ الهجرة:
في ظل هذه الأوضاع المتردية،‏ لم تجد النخب الأفريقية سبيلا للحياة سوى بالهجرة إلى الخارج‏،‏ وهو ما يعرف باسم هجرة العقول أو نزيف العقول الأفريقية‏،‏ ولا جدال في أنّ مثل هذه الهجرة تقلص عدد الكوادر المتعلمة القادرة على المشاركة الفعالة في تنمية الأقطار الأفريقية(2)‏.‏
المطلب الثاني: الوضع الاقتصادي في أفريقيا:
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في أغلب الأقاليم الأفريقية تبعث على القلق: إنّ منطقة شمال أفريقيا لا تزال تعتبر أهم المناطق الاقتصادية في أفريقيا حيث تساهم

(1):سامية مشالي، التنافس...التغيير...الاستمرارية وعملية التحول الديمقراطي في إفريقيا.متحصل عليه:
http://www.sis.eg/ar/publications/155/156/157/158.htm
(2):المرجع نفسه.
بنسبة 41 % من الدخل القومي للقارة، مقابل 17 % لغرب أفريقيا، و5.3 % لوسطها، و8.4 % لشرقها، و28.3 % لمنطقة الجنوب الأفريقي(1).
ولا شك أنّ الناتج الإجمالي للقارة يتأثر بعامل رئيسي ألا وهو أسعار النفط، وهو تحدٍ يواجه القارة منذ عقود، ففي الوقت الذي تساهم فيه زيادة أسعار النفط في نمو سريع في الدول الإحدى عشرة المنتجة للبترول في أفريقيا، إلا أنّ ذلك يؤدي إلى ازدياد التضخم وإلى صعوبات اقتصادية كبيرة في الدول الأخرى المستوردة للنفط (42 دولة في القارة).
ومن جهة أخرى، أظهر القطاع الصناعي الأفريقي ضعفا في التعامل مع التطورات الاقتصادية الدولية، بسبب انخفاض الاستثمارات في هذا القطاع، وخصوصا في مجال تطوير المصانع القديمة وتزويدها بآلات حديثة تساير التطورات التكنولوجية العالمية(2).
أما قطاع الخدمات، الذي شهد أسرع القطاعات نموا، فإنه لن يؤدي إلى إحداث تغيّرات جوهرية في الأداء الاقتصادي كما كان مأمولا منه، بسبب أنه تركز أساسا في المدن، في حين أن غالبية السكان يقيمون في الريف. إذ يعمل في قطاع الزراعة أكثر من 70 % من القوى العاملة، ويساهم بما يقدر بنحو 30 % من الإنتاج القومي الكلي للقارة، ومع ذلك فإنّ المزارعين الأفارقة هم أكثر فئات المجتمع فقرا(3).

(1):عبد الله تركماني، مرجع سابق.
(2):المرجع نفسه.
(3): المرجع نفسه.
المبحث الثاني: العوامل الخارجية للتحول الديمقراطي في إفريقيا
المطلب الأول: السياسة الأمريكية في أفريقيا:
أ- تطوير الاهتمام الأمريكي بالديمقراطية في إفريقيا :
- مرحلة ما قبل أحداث سبتمبر 2001:
في فترة الحرب الباردة لم تكن الدبلوماسية الأمريكية جادة في التدخل في القضايا الأفريقية بشكل مباشر، وكانت تركز في سياستها تجاه أفريقيا على تحقيق أربعة أهداف رئيسية هي: احتواء المد الشيوعي، حماية خطوط التجارة البحرية، الوصول إلى مناطق التعدين والمواد الخام، ودعم ونشر القيم الليبرالية الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان. إلا أن المتغيرات الدولية الجديدة وقيادة النظام أحادي القطبية أدى إلى إعادة توجيه السياسة الأمريكية نحو أفريقيا، وإعادة ترتيب أولوياتها وأهدافها .
ب- الأهداف والمصالح الأمريكية في القارة الأفريقية:
ترتبط السياسة الأمريكية في أفريقيا بعدة مصالح:
• الناحية الاقتصادية:
تهدف الولايات المتحدة إلى فتح أسواق جديدة في مناطق مختلفة من العالم ومن أبرزها القارة الأفريقية التي تتسم بوجود فرص هائلة للاستثمار وأسواق مفتوحة للمنتجات الأمريكية يؤيدها في ذلك الشركات الأمريكية الهادفة إلى توسيع نطاق الاستثمارات الخارجية، وفتح الأسواق الأفريقية الواسعة أمام السلع الأمريكية.
ويمكن تلمُّس أهداف التحرك الاقتصادي الأمريكي في أفريقيا من خلال التقرير الذي صدر عن مجلس العلاقات الخارجية في منتصف عام 1997م بعنوان: «تعزيز العلاقات الاقتصادية للولايات المتحدة مع أفريقيا» والذي أوصى بان تكون الولايات المتحدة في مقدمة الدول الصناعية الكبرى التي تستفيد من الفرص الجديدة في أفريقيا. واستناداً إلى ذلك عملت الإدارة الأمريكية السابقة للرئيس كلينتون على تطوير التجارة الأفريقية وبرامج التنمية الاقتصادية، وهو ما اتضح من خلال عدة مؤشرات أهمها زيارة الرئيس كلينتون إلى القارة الأفريقية عام 1998م؛ حيث أطلق خلال زيارته مبدأ أو شعار: «التجارة لا المساعدات» كسبيل إلى ازدهار القارة. وقد جاء إعلان هذا الشعار في إطار سعي إدارة الرئيس الأمريكي السابق إلى تأسيس شراكة أمريكية أفريقية جديدة تكرست فيها مع الإدارة الأمريكية الجديدة بعد موافقة الكونجرس على قانون النمو والفرص في أفريقيا الذي يقوم على دعم الدول الأفريقية بالمساعدات الاقتصادية، وفتح الأسواق الأمريكية أمام سلع ومنتجات دول القارة بشرط نجاح هذه الدول في تحقيق بعض الشروط المتعلقة بالديمقراطية والتحرر الاقتصادي(1).
ولا شك أن تحقيق الأهداف الاقتصادية الأمريكية في القارة الأفريقية يتطلب تنافساً حاداً مع الدول الأوروبية التي سيطرت على الثروات والموارد الطبيعية للقارة لعهود
(1):راوية توفيق، التنافس الدولي في القارة الإفريقية.متحصل عليه:
http://albayan-magazine.com/files/africa/index/htm

طويلة؛ وخاصة أن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير نسب التبادل التجاري بين أفريقيا والعالم الخارجي لصالحها وهي النسب التي تحتل فيها الدول الأوروبية النصيب الأكبر.
• الناحية السياسية:
ترفع الولايات المتحدة مبدأي: الديمقراطية، وحقوق الإنسان كركيزتين أساسيتين للسياسة الخارجية الأفريقية؛ إلا أن هذه المبادئ مجرد أداة تستغلها السياسة الأمريكية لتحقيق مصالحها وليست هدفاً تسعى إلى تحقيقه. فالمصالح الأمريكية تتجه في بُعدها السياسي إلى تطوير العلاقات مع دول القارة الأفريقية بما يخدم ويعزز المصالح الأمريكية الحيوية في القارة، وتتعامل مع هدف تشجيع الديمقراطية لدى النظم الأفريقية الحاكمة بمبدأ النسبية؛ حيث ترتبط بمدى الاهتمام الأمريكي بحالة كل نظام سياسي على حدة تبعاً لطبيعة المصالح التي قد تختلف من دولة إلى أخرى. وبعد انتهاء الحرب الباردة تغيرت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إفريقيا لدعم الديمقراطية و حقوق الإنسان(1).
حيث بدأت في الضغط على نظم كالصومال و زائير و فرض شروطها الخاصة بالديمقراطية و حقوق الإنسان عليها، ففي كينيا، بدأت علاقة الولايات المتحدة معها تتراجع، و بدأت الولايات المتحدة في الضغط على الحكومة الكينية للسماح بالتعددية

(1):حمدي عبد الرحمن، أبعاد السياسة الأمريكية الجديدة تجاه إفريقيا.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/apolitic.asp
الحزبية و قامت بتجميد 52 مليون دولار من المساعدات العسكرية لكينيا ، و اتبعت نفس السياسة مع دول أخرى مثل مالاوي، الكاميرون، زائير ،توجو، وغيرها(1).
واستمرت نفس السياسة مع إدارة كلينتون(1992-1998 ) الذي أعلن رغبة الولايات المتحدة في دعم التنمية و الديمقراطية من اجل إقامة الاستقرار العالمي (2).
كما تهدف الولايات المتحدة بالأساس في علاقتها مع أفريقيا إلى الحد من النفوذ الأوروبي، والانفراد بالنفوذ في القارة من اجل الحفاظ على الزعامة العالمية.
وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف السياسية تعمل الولايات المتحدة على تشكيل نخب جديدة في أفريقيا موالية للغرب عموماً وللولايات المتحدة بشكل خاص، وهم من تسميهم الولايات المتحدة بالقادة الجدد في أفريقيا أمثال ميليس زيناوي في أثيوبيا، وأسياسي أفورقى في إرتريا، ويوري موسيفيني في أوغندا(3).
• الناحية العسكرية والأمنية:
تسعى الولايات المتحدة إلى تحسين قدرة القارة على التعامل مع المشكلات الأمنية المؤثرة على الأمن العالمي بصفة عامة وعلى الأمن الأمريكي بصفة خاصة وأهمها الإرهاب. كما تسعى إلى دعم الحلول السلمية للنزاعات المسلحة في القارة في مناطق
(1):بدر حسن شافعي، جولة بوش الإفريقية...مكاسب أكثر و تورط اقل.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2003/07/article06.sh
(2): حمدي عبد الرحمن، السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا من العزلة إلى الشراكة، السياسة الدولية، العدد 14،يناير 2001م، ص 192 ـ 193.
(3):المرجع نفسه.
البحيرات العظمى والقرن الأفريقي وجنوب السودان بشكل يحقق مصالحها(1).
وفي هذا الإطار بادرت الولايات المتحدة بتشكيل قوة تدخل أفريقية لمواجهة الأزمات استناداً إلى المبادرة الخاصة بمواجهة الأزمات الأفريقية. بالإضافة إلى ذلك تركيز الولايات المتحدة على قضايا الإسلام السياسي في القارة؛ وخاصة بعد تفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا(2).
- مرحلة ما بعد أحداث سبتمبر 2001:
أولا: موقع الديمقراطية في السياسة الخارجية الأمريكية .
- كانت المرحلة الأولى من فترة حكم بوش عنوانها الرئيس " الحرب على الإرهاب " و في إطار هذه الحرب برز "مبدأ بوش" عن التدخل المنفرد و الحروب الاستباقية .
و الهدف منها هو نشر الحرية(3).
فالإرهاب الذي ضرب واشنطن و نيويورك في سبتمبر 2001 هو نبت الاستبداد وحده و ليس نتاجا لأي شئ آخر.
ثانيا: إفريقيا و نشر الديمقراطية في السياسة الأمريكية :
في إستراتيجية الأمن القومي الصادرة في2002 أكدت على أن هناك "بيئة تشكل
(1):احمد إبراهيم محمود، أبعاد تشكيل قيادة عسكرية أمريكية لإفريقيا.متحصل عليه:
http://ifriqiyah.com/cnt/africa/africaarticale/int59.htm
(2): راوية توفيق، مرجع سابق.
(3):المرجع نفسه.
خطورة اكبر على الحياة في إفريقيا تنشأ مع انتشار الحروب الأهلية المحلية لتخلق مناطق
حرب إقليمية(1).
فالسياسات التي أعلنت عنها الإستراتيجية في القارة تمثلت في (2):
- الدول ذات الأثر الرئيسي على محيطها مثل جنوب إفريقيا و نيجيريا و كينيا.
- التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين و المنظمات الدولية أمر ضروري للتوسط البناء في النزاعات ،وفي تنفيذ عمليات سلمية ناجحة .
– دعم الدول الإفريقية القادرة على الإصلاح .
و سعي نحو وضع هذه التوجهات موضع التنفيذ ومن ذلك :
- تكثيف التواجد العسكري الأمريكي في مناطق إفريقيا المختلفة وتدخل إذا لزم الأمر.
- تسوية الصراعات المعقدة في إفريقيا.
- تكثيف الزيارات السياسية إلى إفريقيا ، فقد زار بوش 05 دول افريقية في يوليو
2003 ( السنغال ، جنوب إفريقيا ،بوتسوانا ، أوغندا ، نيجريا) آليات الديمقراطية تفرض مفهوم قيادة أمريكا لإفريقيا و هاته الأخيرة حساسة تجاه الهيمنة بحكم خروجها حديثا من مواجهات بعضها كان داميا.


(1): بدر حسن شافعي.مرجع سابق.
(2):المرجع نفسه.
و يساعد على تدعيم هذه الرؤى ماتتسم به دول القارة من خصائص :
- الفساد و عدم الاستقرار السياسي .
– عدم الانتماء الشعوب الإفريقية لحكامها و حكوماتها.
- تخبط الرؤى حول الحقوق و الواجبات، و عدم القدرة على تنفيذ العقود و الاتفاقات.
- عدم وجود بيئة صالحة للاستثمار ، فالفساد و عدم الاستقرار السياسي .
- تعدد الفواعل الخارجية التي تسيطر و تهيمن على السياسات الإفريقية.
المطلب الثاني: سياسة القوى الأوروبية في أفريقيا:
يرجع الارتباط الأوروبي بالقارة الأفريقية إلى عهود طويلة، وقد استطاعت أن تحافظ على مصالحها في القارة، حتى في ظل نظام القطبية الثنائية الذي تراجعت فيه أهمية ومكانة القوى الأوروبية التقليدية التي كانت تسيطر على أفريقيا راعت الولايات المتحدة مصالح حلفائها الأوروبيين في مناطق نفوذهم التقليدية في القارة(1).
وفي ظل النظام العالمي الجديد في التسعينيات نشأت بيئة جديدة أثرت على الطرفين الأوروبي والأفريقي، ومن ثم على شكل ومضمون العلاقات فيما بينهما.
لذلك عملت الدول الأوروبية على تدعيم علاقاتها بالقارة الأفريقية على عدة مستويات

(1):بدر حسن شافعي، العلاقات الإفريقية-الأوروبية.. تنمية أم تبعية.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/10/article42.shtml#top

وفي عدة أبعاد؛ ففي إطار التعاون الجماعي يوجد عدة أطر للتعاون في الأبعاد الاقتصادية والأمنية. فمن الناحية الاقتصادية تتعدد أطر التعاون، ومن أهمها(1):
- إطار اتفاقية لومي: وهو أحد أهم قنوات العلاقات متعددة الأطراف التي تربط دول الاتحاد الأوروبي مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء ودول المحيط الهادي والكاريبي. وقد وُقِّع في إطارها أربع اتفاقيات بدأت الأولى عام 1975م وضمت 46 دولة من دول أفريقيا والمحيط الهادي والكاريبي، وتوسعت العضوية حتى ضمت حوالي 69 دولة في اتفاقية لومي الرابعة التي طبقت في الفترة من 1995-2000م. وقد حرصت دول الاتحاد الأوروبي على تجديد الاتفاقية بعد انتهائها؛ حيث صاغت اتفاقية جديدة هي اتفاقية كوتونو في يونيو 2000م.
واتفاقيات لومي هي أساساً اتفاقيات تنموية استطاعت الدول الأفريقية الاستفادة منها سواء في النظام التجاري المعمول به، أو المعونات المالية الممنوحة لأغراض التنمية. إلا أن الحوار بين دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الأفريقية ودول المحيط الهادي والكاريبي في الفترة التي سبقت إعلان اتفاقية كوتونو الأخيرة كشف عن إدخال عناصر جديدة إلى اتفاقية التعاون بين الجانبين؛ حيث طرحت قضايا الحوار السياسي والحكم الجيد وحل الصراعات كمبادئ أساسية للاتفاق الجديد، وهي المبادئ التي أشارت إليها اتفاقية لومي الرابعة.
(1): راوية توفيق، مرجع سابق.
من الجدير بالذكر أن طرح الولايات المتحدة لقانون النمو والفرص في أفريقيا كان الغرض منه منافسة إطار اتفاقيات لومي مما يعد مظهراً من مظاهر التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية في أفريقيا.
- إطار الشراكة الأوروبية المتوسطية: يلاحظ أن الدول الأوروبية في تعاملها مع القارة الأفريقية عملت على فصل الشمال الأفريقي عن الجنوب الأفريقي؛ فإذا كان إطار اتفاقيات لومي قد تعامل مع دول أفريقيا جنوب الصحراء فإنها شكلت إطاراً جديداً للتعامل مع دول الشمال الأفريقي؛ من خلال مشروع الشراكة الاورو-متوسطية.
وقد أسس مؤتمر برشلونة 1995م هذا الإطار تعبيراً عن وضع أساس جديد للعلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط بما فيها دول شمال أفريقيا.
ويقوم هذا الأساس على شراكة اقتصادية وأمنية وسياسية. ففي المجال الأمني أورد إعلان برشلونة خمسة مبادئ أساسية هي: حل المنازعات بالطرق السلمية، الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نزع أسلحة الدمار الشامل، مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، احترام مبدأ المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وفي المجال الاقتصادي أكد الإعلان على أهمية تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومستدامة، وإقامة منطقة تجارة حرة بشكل تدريجي حتى عام 2010م، والحوار بين الطرفين في قضايا الديون والمساعدات.
ويعد هذا المشروع بدوره ـ مثله كمثل الإطار الأول ـ معبراً عن التنافس الأوروبي الأمريكي في القارة. فتأييد الاتحاد الأوروبي لمشروع الشراكة الأوروبية المتوسطية يصطدم مع تأييد الولايات المتحدة للمشروع الشرق أوسطي. كما أن منطقة الشمال الأفريقي هي منطقة تنافس أمريكي فرنسي؛ حيث طرحت الولايات المتحدة في يونيو 1998م مشروع شراكة اقتصادية أمريكية مغاربية مع دول المغرب العربي الثلاث تمهيداً لإقامة منطقة للتجارة الحرة تتنافس بها مع العلاقات الخاصة التي تربط الدول الأوروبية بهذه الدول.
-التعاون الجماعي على المستوى الأمني:
فقد سعت الدول الأوروبية بعد مذابح رواندا إلى دعم الدبلوماسية الوقائية، وبحث إمكانية تشكيل قوات أفريقية لحفظ السلام في إطار الدور الأساسي الذي يمكن أن تلعبه منظمة الوحدة الأفريقية. وقد حاولت دول الاتحاد الأوروبي منع نشوب الصراعات في القارة الأفريقية من خلال مشاركتها في عمليات الإنذار المبكر، والمشاركة في الدبلوماسية الوقائية، والمشاركة في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ومن أمثلة النزاعات التي حاولت دول الاتحاد الأوروبي التدخل لحلها الحرب الأثيوبية الإريترية؛ حيث أرسل الاتحاد الأوروبي وفداً ثلاثياً يضم ممثلين عن ألمانيا والنمسا وفنلندا إلى أديس أبابا في مهمة وساطة لمحاولة تهدئة الصراع بين البلدين(1).
وفي إطار العلاقات الخاصة التي تربط بين بعض الدول الأوروبية وأفريقيا تجدر الإشارة بشيء من التفصيل إلى العلاقات الفرنسية الأفريقية وسياسة فرنسا في أفريقيا.
(1):المرجع نفسه.


المطلب الثالث:السياسة الفرنسية في أفريقيا:
تشكِّل القارة السمراء إحدى أهم دوائر السياسة الخارجية الفرنسية، وهو الأمر الذي عبَّر عنه الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران في القمة الفرنسية الأفريقية التي عقدت في بيارتيز بفرنسا (نوفمبر 1994)، حيث أكَّد للحاضرين أنه بدون أفريقيا لن يكون لفرنسا تاريخ في القرن الحادي والعشرين. فالقارة السمراء كانت مجد فرنسا ومنطقة نفوذها التاريخية؛ لذا فمن الصعب تخيل قيام رئيس أو حكومة فرنسية -أيًّا كانت توجهاتها- بالتخلي عن أفريقيا(1).
وقد حافظت فرنسا على علاقاتها بالدول الأفريقية التي استقلت عنها نتيجة لسياسة تعاونية محكمة ودقيقة طبقتها مع هذه الدول في المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية.
ومنذ انتهاء الحرب الباردة تأثر النفوذ الفرنسي في أفريقيا نتيجة عدة اعتبارات أهمها: انخفاض الأهمية الإستراتيجية لأفريقيا لدى القوى الغربية بصفة عامة، والنشاط الأمريكي المتزايد المنافس لفرنسا في القارة.






(1):بدر حسن شافعي، القمة الفرنسية-الإفريقية...تقريب المسافات.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2002/02/articale11.shtml#top
أ-المصالح الفرنسية في القارة الأفريقية:
تتشعب المصالح الفرنسية في القارة ما بين مصالح اقتصادية وسياسية وإستراتيجية أمنية:
• من الناحية الاقتصادية:
تتركز المصالح الفرنسية في القارة في البحث عن أسواق لتصريف المنتجات والسلع الفرنسية المصنعة والحصول على مـواد أولية لتنمية الصناعات الفرنسية، خاصة أن فرنسا تعاني نقصاً في هذه المواد داخل أراضيها.
وقد استطاعت فرنسا تدعيم وجودها الاقتصادي في القارة الأفريقية من خلال العديد من الآليات ومن أهمها التجارة البينية؛ فما زالت فرنسا المستورد الأول للمواد الخام والمصدر الأول للسلع المصنعة في بعض الدول الفرانكفونية، والاستثمارات التي تعتبر من أهم الاستثمارات الأجنبية في بعض الدول الفرانكفونية (كوت ديفوار والجابون)، وإنشاء شبكة مواصلات واسعة تربط بين الأجزاء المختلفة للقارة الأفريقية وبين هذه الأجزاء وفرنسا، بالإضافة إلى منطقة الفرنك الفرنسي التي ترتبط بها ست عشرة دولة من غرب ووسط أفريقيا، وتتيح لمواطني هذه الدول التعامل بالعملة الفرنسية(1).



(1): بدر حسن شافعي، فرنسا ضحكت على الأفارقة بالملف العراقي.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/politics/2003/02/4article12.shtml#top
وكانت فرنسا في فترة الحرب الباردة تركز على تحقيق هذا الهدف؛ إذ أدركت أن المنافسة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سيكون مجالها الرئيسي أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ومن ثم يصبح المجال الدولي الوحيد الذي يمكن أن يظل مفتوحاً أمام النفوذ الفرنسي بعيداً عن المنافسة مع الدولتين العظميين هو القارة الأفريقية. إلا انه مع انتهاء الحرب الباردة تراجعت الأهمية الاقتصادية لأفريقيا لدى فرنسا، ولم تعد أفريقيا تمثل اهتماماً اقتصادياً أولياً حتى أصبحت أفريقيا تعتمد على اقل من 5 % من نسبة التجارة الفرنسية؛ كما لم تعد تستقبل سوى اقل من 20% من حجم الاستثمارات الفرنسية المباشرة في العالم(1).
• من الناحية السياسية :
تهدف فرنسا إلى تحويل الفرانكفونية من تجمع ثقافي إلى حركة سياسية لإنشاء تجمع سياسي فرانكفوني في أفريقيا له صوت سياسي يؤخذ به في الساحة الدولية، وهو ما يعني إنشاء تيار سياسي مناهض للتيار الأنجلوسكسوني- الأمريكي تجتمع تحت مظلته جميع الدول الهادفة إلى الحد من الهيمنة الأمريكية. كما تسعى فرنسا في هذا الإطار إلى الحفاظ على استقرار الأنظمة الأفريقية(2).


(1): بدر حسن شافعي، العلاقات الأفريقية- الأوربية.. تنمية أم تبعية؟ .متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/10/articls42.shtml#top
(2): بدر حسن شافعي، في البحيرات العظمى.. فرنسا ترتدي ثوبا أمريكيا.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/08/articl24.shtml#top

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف السياسي توظف فرنسا أدوات اقتصادية وثقافية،
فهي تسعى إلى إنشاء شبكات للتعاون والتبادل الاقتصادي والتكنولوجي لدعم التنمية في الدول الفرانكفونية. كما تتميز فرنسا ـ مقارنة بالدول الغربية الأخرى ـ في استخدام الأداة الثقافية معتمدة في ذلك على اللغة المشتركة، فاللغة الفرنسية هي السائدة في دول غرب ووسط القارة، والمؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية المنتشرة في الأرجاء المختلفة للقارة بالإضافة إلى إطار المنظمة الفرانكفونية التي تضم كافة الدول الناطقة بالفرنسية ومنها الدول الأفريقية والتي توسعت لتضم دولاً غير فرانكفونية(1).
• من الناحية العسكرية والأمنية:
كانت فرنسا في فترة الحرب الباردة تهدف إلى منع انتشار النفوذ السوفييتي في القارة أو الحد من انتشاره. وبعد انتهاء الحرب الباردة أصبح الخطر الرئيسي الذي يتهدد المصالح الفرنسية في أفريقيا هو الولايات المتحدة التي تحاول أن تدعم تواجدها بالقارة، والإسلام
السياسي الذي اخذ يتزايد في التسعينيات في القارة الأفريقية على أطراف الصحراء وفي القرن الأفريقي وخاصة أن نسبة المسلمين في بعض الدول الفرانكفونية نسبة مرتفعة (2).
كما تسعى فرنسا إلى السيطرة على المواقع الإستراتيجية في بعض الدول الأفريقية.

(1): راوية توفيق، مرجع سابق.
(2):المرجع نفسه.
فقد اهتمت ـ على سبيل المثال ـ بإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي لمراقبة المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف تعتمد فرنسا على عدة آليات أهمها القواعد العسكرية التي أنشأتها في ست دول أفريقية(1)، قوة التدخل السريع التي أنشأتها فرنسا وفقاً لخطة عسكرية جديدة اعتمدتها عام 1993م، وتوجد هذه الآلية في جنوب غرب فرنسا وتستطيع أن تتدخل في وقت قصير في كل أنحاء القارة، وعقد اتفاقيات الدفاع العسكري المشترك مع عدة دول (منها الكاميرون، أفريقيا الوسطى، جيبوتي، كوت ديفوار، وغيرها)، واتفاقيات التعاون والمعونة الفنية مع عدة دول (منها بنين، بوركينافاسو، بوروندي، الكونغو، غينيا، السنغال، توجو، وغيرها). كما أنشأت فرنسا عام 1997م برنامجاً لدعم المؤسسات والتجمعات الإقليمية لمساعدتها على حفاظ الأمن في القارة(1).
ومن أمثلة الحالات التي شهدت تدخلاً عسكرياً فرنسياً في القارة التدخل الفرنسي في رواندا عقب مذابح 1994م لصالح حكومة الهوتو، ومساندة الرئيس التشادي إدريس ديبي بقوات خاصة ضد المظاهرات الشعبية التي اندلعت عام 1996م. كما نظمت فرنسا عام 1998م في إطار برنامج التعاون مع المنظمات الإقليمية في أفريقيا مناورات عسكرية بالسنغال بالتعاون مع الجماعة الاقتصادية لدول الغرب الأفريقي، وأخرى في الجابون بالتعاون مع الجماعة الاقتصادية لدول الوسط الأفريقي(2).

(1):حمدي عبد الرحمن حسن، القمة الأفرو أوربية الأولى .. صراع الأولويات.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/qpolitic-mar-politic23.asp
(2): بدر حسن شافعي، في البحيرات العظمى.. فرنسا ترتدي ثوبا أمريكيا.مرجع سابق.

الفصل الثاني: التحول الديمقراطي في كينيا
المبحث الأول: كينيا الدولة
تقع كينيا شرق القارة الإفريقية تطل سواحلها الجنوبية الشرقية على المحيط الهندي، وتحدها تنزانيا من الجنوب، وأوغندا من الغرب، والصومال من الشرق، وتشترك في حدودها الشمالية مع إثيوبيا، ومن الشمال الغربي مع السودان، وتطل على جزء من بحيرة فيكتوريا من الجنوب الغربي(1).
المطلب الأول:نظام الحكم في كينيا
نظام الحكم في كينيا جمهوري، ويشغل رئيس الجمهورية كل من منصبي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويتم انتخابه بالاقتراع الشعبي لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات.
تتكون الهيئة التشريعية بكينيا من مجلس واحد هو الجمعية الوطنية وتتكون من 224 عضو، 210عضو يتم انتخابهم بانتخابات شعبية مباشرة ومدة خدمتهم خمس سنوات، و12 يتم تعينهم بواسطة رئيس الجمهورية، بعد أن يتم اختيارهم بواسطة الأحزاب السياسية وذلك بناء على إجمالي الأصوات التي يحصلون عليها في الانتخابات البرلمانية، واثنان بحكم المنصب(2).
السلطة القضائية تتمثل في محكمة الاستئناف والتي يتم تعيين قضاتها بواسطة رئيس الجمهورية وهي أعلى سلطة قضائية بكينيا إلى جانب المحكمة العليا.
(1): كينيا طبيعة إفريقية ساحرة.متحصل عليه: http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=105026&pg=71
(2):المرجع نفسه.
ويوجد بكينيا نظام الأحزاب السياسية نذكر منها الحزب الديمقراطي الكيني، منتدى استعادة الديمقراطية – أسيلي، منتدى استعادة الديمقراطية – كينيا، منتدى استعادة الديمقراطية – الشعب، الاتحاد الوطني الإفريقي الكيني وغيرهم(1).
المطلب الثاني: الانتماء الحضاري
تعرضت دولة كينيا للاحتلال البريطاني بداية من عام 1885م، كانت البداية بألمانيا التي قامت باحتلال المناطق المحاذية للساحل والتي استولت عليها من سلطان زنجبار والذي كان الساحل الشرقي لكينيا يخضع لسيطرته، وبعد عدد من السنوات قامت بريطانيا بإعلان كينيا مستعمرة من مستعمرات التاج البريطاني.
ذاق الشعب الكيني مرارة الاستعمار من الاحتلال البريطاني هذا الأمر الذي ولد شعور بالغضب عامة عند الشعب الكيني وأدى إلى تولد حركة تحريرية عرفت باسم حركة " الماوماو" في الخمسينات، ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور مثل هذه الحركة هو الشعور القاسي بالاضطهاد فبعد أن خدم الجنود الكينيين في صفوف الجيش البريطاني، وبعد رجوعهم وجدوا أن السلطات الاستعمارية قد استولت على بيوتهم وأراضيهم وأعطتها


(1):المرجع نفسه.
كمكافأة للجنود البريطانيين العائدين من الحرب، هذا بالإضافة للعديد من مظاهر القهر التي تعرض لها الشعب الكيني، من انتزاع أراضي المواطنين ومنحها للبيض وفرض الضرائب العالية، وتحديد بطاقة هوية وعبور تفرض على كل رجل بكينيا، بدأت حركة "الماو ماو" بشن عدد من الحروب والمعارك الصغيرة من اجل استعادة الأراضي وطرد المستوطنين البيض من أراضي القبائل الإفريقية، وترتب على هذا قيام قوات الاستعمار باعتقال أعداد كبيرة من أفراد الشعب الكيني، وتفشى الجوع والمرض بين الأطفال وغيرها من وسائل القهر(1).
تمكنت كينيا أخيراً من الحصول على استقلالها في الثاني عشر من أكتوبر عام 1963م، وجاء جومو كينياتا رئيساً للبلاد بعد الاستقلال وجاء أسم الدولة " كينيا " مستمداً من اسم هذا القائد، وفي عام 1964م أصبحت كينيا دولة جمهورية.















(1):المرجع نفسه.
لقد شهدت كينيا في السنوات الأخيرة موجة من التحول الديمقراطي بفعل مجموعة من العوامل:
المبحث الثاني:عوامل التحول الديمقراطي في كينيا
يمكن إرجاع التحول الديمقراطي في كينيا إلى مجموعتين من العوامل:
المطلب الأول: العوامل الداخلية
تتضمن في المقام الأول العوامل السياسية و الاقتصادية باعتبارها أهم العوامل الداخلية التي ساعدت على التحول الديمقراطي في كينيا.
1:العوامل السياسية:
شهدت كينيا على الصعيد السياسي مجموعة من الانقسامات الداخلية صاحبها تنامي المطالب الشعبية بإدخال الإصلاحات السياسية والمشاركة في الحكم ،ففي 1965 شهد حزب كانو .KANU الحاكم انقسام داخليا تمثل في ظهور جناح محافظ
CONSERNAT I VE WING تزعمه مجموعة توم مبويا TOM MBOYA (والذي كان يعمل أمينا عام للحزب) ،وظهرت مجموعة راديكاليةRADICAL GROUPS تزعمها أوجنجا اودنجاOGINGA ODINGA (والذي كان يعمل نائبا لرئيس الحزب ،وفي عام 1966 انشقت أودنجا عن حزب كانو،وقام بتشكيل إتحاد كينيا الشعبيKENYA PEOPLES UNION KPU) (، واتهم الحكومة بالعمل على خدمة مصالح و امتيازات طبقة محدودة من الشعب (1).
وفي عام 1996 تم اغتيال مبويا،وقامت الحكومة بحظر اتحاد كينيا الشعبي KPU واعتقال أودنجا مما أدى إلى تصاعد المعارضة ضد الحكومة ،واشتعال الصراعات الإثنية خاصة بين الكيكويو (التي تنتمي إليها الحكومة ورئيسها جومو كينيانا ) والليو (والتي ينتمي إليها اتحاد كينيا الشعبي وزعيمه أودنجا)(2).
ومنه ما يمكن استنتاجه من مسرح السياسة الكيني هو تزايد الانقلابات المعارضة وكذا التجاوزات القانونية.
2:العوامل الاقتصادية:
شهد الاقتصاد الكيني تدهورا واضحا خاصة في عهد الرئيس موى ، حيث انخفضت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية بشكل كبير،و انخفضت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي GDP لتصبح 26 ,2%خلال الفترة 1990 -1995 في حين كانت هذه



(1):اتفاقية تقاسم السلطة في كينيا نتيجة الانتخابات العامة.متحصل عليه:
http://www.al-waie.org/scripts/poetry.js">(2):بدر حسن شافعي،كينيا من الأزمة السياسية إلى الأزمة الاثنية.متحصل عليه:
http://ifriqiyah.com/africa.htm


النسبة.36,60من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفقرة 1963-1973 ،وتضاعف عدد السكان وساعد على تردي الأوضاع الاقتصادية في كينيا (1).
إن عملية توزيع الثروة والوظائف الحكومية أخذت أبعادا إثنية ، حيث قام الرئيس بتعيين أقاربه وأبناء جماعة الكيكويو (التي ينتمي إليها ) في الوظائف الحكومية دون مراعاة لمبدأ الكفاءة ، وعندما تولد موى الرئاسة اتبع نفس الإستراتيجية التي اتبعها سلفه كينياتا ،وأدت هذه الإستراتجية التي اتبعها كينياتا ومن بعده موى ساعدت على انتشار الفساد على نطاق واسع داخل الدولة . وأصبح الفساد هو الآلية الرئيسية لحماية النظام الحاكم(2).
وأدى تردي الأوضاع الاقتصادية إلى المطالبة بالتحول الديمقراطي والنظر إليه باعتباره المخرج الوحيد الذي يضمن علاج المشكلات الاقتصادية والقضاء على الفساد وتحقيق تنمية اقتصادية داخل الدولة.
المطلب الثاني:العوامل الخارجية
شهدت الأجندة السياسية والاقتصادية للدول المانحة DONORSعقب نهاية الحرب الباردة تغيرا واضحا، حيث أصبحت أكثر اهتماما بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
(1):غازي دحمان،كينيا نموذج للدولة الدور وليست نموذجا للاستقرار.متحصل عليه:
http://ifriqiyah.com/cnt/africa/africaArticle/int158.htm
(2):المرجع نفسه.
وتعتبر كينيا واحدة من الدول الإفريقية التي خضعت لضغط قوي من جانب المانحين من أجل الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان
وسنحاول فيما يلي إعطاء بعض الأمثلة للضغوطات الدولية التي تعرضت لها كينيا من اجل احترام حقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية(1) :
-في يناير 1987قامت قوات الأمن الكينية بأعمال وحشية ضد قوى المعارضة الداخلية مما أدى إلى زيارة احد أعضاء الكونجرس الأمريكي لكينيا والتقى برئيس الكنيسة الكينية ،وعقب هذه الزيارة أعلنت الإدارة الأمريكية وقف المساعدات المالية المخصصة لكينيا.
-في أكتوبر 1990 احتجت حكومة النرويج على قيام الحكومة الكينية بالقبض على احد أفراد المعارضة الكينية وحبسه بتهمة الخيانة العظمىTREASON CHARGE، وقامت النرويج بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع كينيا ووقف المساعدات المخصصة لكينيا
على الرغم من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عام 1992على أساس التعدد الحزبي ،إلا أن المانحين لم يتخذوا قرارا فوريا باستثناف تقديم المساعدات .وفي منتصف عام1993 قرر الاتحاد الأوروبي وبعض الدول المانحة استئناف تقديم المساعدات لكينيا، لكنها انخفضت بشكل كبير عام.
مع تحديد موعد الانتخابات العامة في نهاية عام1997 تصاعدت أعمال العنف الداخلي. ما أدى بصندوق النقد الدولي إلى توقيف تسهيلات التكيف الهيكلي إلى كينيا.


(1): راوية توفيق، القوى الكبرى والمشروطية السياسية في إفريقيا.متحصل عليه:
http://www.albayan-magazine.com/files/africa/index.htm
ومما لا شك فيه أن استخدام الدول المانحة لسلاح المساعدات في ضغطها على كينيا قد وضع حكومة موي في موقف حرج تطلب الخروج منه إدخال إصلاحات سياسية تمثل في مجملها جوهرا للتحول الديمقراطي(1).
مما سبق يمكن القول أن التحول الديمقراطي في كينيا كان بفعل الضغوط الداخلية والخارجية التي واجهتها الحكومة الكينية والتي اضطرت في نهاية الأمر إلى الرضوخ لمطالب المعارضة والمانحين الدوليين والبدء في تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
المبحث الثالث :مراحل واليات التحول الديمقراطي في كينيا
بدأت عملية التحول الديمقراطي في كينيا عام 1991، وما زالت مستمرة حتى الآن.
وسنحاول فيما يلي إعطاء لمحة سريعة للفترة الزمنية التي سبقت عملية التحول الديمقراطي،ثم تتناول بقدر من التفصيل مراحل واليات التحول الديمقراطي في كينيا مع

(1):بدر حسن شافعي.مرجع سابق.





الأخذ في الاعتبار أن المقصود بالآليات في هذا الإطار هي الأحزاب السياسية والانتخابات العامة التي شهدنها كينيا أثناء عملية التحول الديمقراطي.
قاد جومو كينياتا (وهو احد أفراد الكيكويو) النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني، وبعد وقفها أعاد الكيكويو تنظيم أنفسهم سياسيا على نطاق أوسع من نطاقهم القبلي وكونوا في عام 1944 اتحاد كينيا الإفريقي KAU) Kenya Africain Union)وسرعان ما قامت الحكومة البريطانية بإعلان الأحكام العرفية واعتقال رئيس الاتحاد ونائبه ،وأصدرت حكومة كينيا في 8 يونيه 1953 قرارا بحل اتحاد كينيا الإفريقي وادعت بأنه غطاء لحركة الماوماو(1).
في 27 مارس 1960 تشكل حزب كينيا الوطني الإفريقي كانو (KANU)
،Kenya Africain National Union،وبعد إجراء الانتخابات التنفيذية للحزب 14 مايو من نفس العام أصبح جيمس جيشورو James Gichuru رئيس للحزب ،وأودنجا نائب لرئيس الحزب ، وتوم مبويا أمينا عام للحزب ،لكن سرعان ما نشبب خلاف بينهما ما أدى بجيشورو للإعلان عن وقف أودنجا عن العمل كنائب لرئيس الحزب (2).




:عمرو محمد، الأزمة الكينية.. من المسئول كيباكي أم المعارضة ؟.متحصل عليه:
http://www.islamtoday.net/albasheer/naws.cfm
(2):المرجع نفسه.
في 28 أكتوبر 1961 تم إطلاق سراح كينياتا ، وتولى رئاسة حزب كانو فور الإفراج عنه.
لم يكن حزب كانو هو الحزب الوحيد في كينيا عام 1960،حيث كان هناك عدد من الأحزاب السياسية الأخرى تم تأسيسها على أساس اثني وقبلي وهي(1) :
-إتحاد الكالينجين السياسي .Kalenjin Political Alliance.
-حزب كينيا الشعبي الإفريقي Kenya Africain Peoples Party
وحل هذا الحزب محل كينيا الوطني Party kenya national
والذي تأسس في عام1959 .
- جبهةالماساي المتحدة Massai United Front
- إتحاد الساحل الشعبي الإفريقي Union Coast Africain Peoples
-الجمعية الوطنية الصومالية Somali National Association
وفي أغسطس 1960 أدركت هذه الأحزاب خطورة التفكك وقررت الأحزاب الخمسة الإتحاد معا وتكوين سياسي واحد وهو اتحاد كينيا الديمقراطي الإفريقي (KADU) Kenya African Democatic Union ،وتم انتخاب رونالد نجالد Ronald Ngala كرئيس للحزب(2).
(1): علاء الدين بشير، كينيا.. الأرض تتحرك تحت أقدام الحرس القديم؟ متحصل عليه: http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147513349
(2):المرجع نفسه.
في نوفمبر 1962 انشق بول نجيPaul Ngei عن حزب KANUوقام بتشكيل حزب الشعبي الإفريقي (APP ( .
وفي 31 مايو 1963 حصلت كينيا على الحكم الذاتي،وأصبح جومو كينياتا رئيسا.كما قررت الحكومة التخلي عن النظام البرلماني والأخذ بنظام الحكم الرئاسي ،وأصبحت كينيا جمهورية وأصبح جومو كينياتا أول رئيس لها(1).
دعا كينياتا قادة حزب KADN إلى إنهاء المعارضة والمشاركة في تشكيل حكومة وطنية ،وبالفعل تم الإعلان في نوفمبر 1964 عن تفكيك حزب KADN ،وتولى قادته السابقين حقائب وزارية في حكومة كينياتا(2).
وفي عامي 1969 و1974 أجريت انتخابات ،فاز فيها كينياتا بفترة رئاسية ثانية وثالثة على التوالي ،في أغسطس 1978 توفي كينياتا وتولى دانيال آراب موى (نائب الرئيـس آنذاك )منصب الرئاسة لفترة مؤقتة حتى تم انتخابه كرئيس للجمهورية في نوفمبر من نفس العام(3).
وفي عام 1982 أعلنت الجمعية الوطنية الأخذ بنظام الحزب الواحد ،أي أنه لم يعد مسموحا بإقامة أي أحزاب خلافا حزب كانو ،وحدثت بعض الاضطرابات الداخلية كرد فعل لقرار الجمعية الوطنية.
(1):دول حوض النيل.متحصل عليه:
http://www.sis.gov.eg/Ar/Pub/africanprespective/issue17/110201000000000003.htm
(2):المرجع نفسه.
(3): المرجع نفسه.
يمكن وصف الفترة الزمنية التي سبقت بدء عملية التحول الديمقراطي بأنها كانت أشبه بمرحلة الإعداد للتحول الديمقراطي في كينيا ،و أنها شهدت تناقضات حادة بين الدولة و المجتمع المدني ،و بين رغبة الشعب في المشاركة الديمقراطية و رغبة قيادة حزب كانو في إحكام قبضتها على السلطة و الحياة السياسية في كينيا .
و نحاول فيما يلي تناول المراحل التي مرت بها عملية التحول الديمقراطي في كينيا.
المطلب الأول:المرحلة الأولى للتحول الديمقراطي في كينيا(1991-2002)
بدأت هذه المرحلة في ديسمبر 1991 عندما أعلن الرئيس موى الأخذ بنظام التعدد الحزبي استجابة لضغوط عديدة من بينها قرار جماعة باريس الاستشارية للمانحين بوقف مساعداتها ،و اشترطت الدول المانحة تحقيق تقدم حقيقي على صعيد الإصلاح السياسي و الاقتصادي مع التركيز على قضايا المحاسبة و الشفافية و إجراء انتخابات تعددية MULTIPARTY ELECTIONS كشروط مسبقة للحصول على هذه المساعدات(1) .
و في عام 1992 تم تعديل الدستور، و أصبحت كينيا بمقتضى هذا التعديل تأخذ بنظام التعدد الحزبي، و أصبحت مدة رئاسة الجمهورية خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وأصبح يشترط أن يحصل الفائز بمنصب رئيس الجمهورية على 25 % على الأقل من أصوات الناخبين في خمسة أقاليم على الأقل من أقاليم كينيا الثمانية(2).
(1):عبد القادر عثمان، أزمة كينيا.. صناعة أمريكية.متحصل عليه: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout&cid=1201958035355
(2):المرجع نفسه.
و في ديسمبر 1992 أجريت في كينيا أول انتخابات عامة (رئاسية و برلمانية) على أساس التعدد الحزبي منذ عام 1963، و تنافس في الانتخابات الرئاسية ثمانية مرشحين و هم(1):
دانيال اراب موى مرشح حزب كانو ،و كينت ماتيبا مرشح حزب فورد الأصلي، و مواي كيباكي مرشح الحزب الديمقراطي ، اودنجا مرشح حزب فوردكينيا إلى جانب أربعة مرشحين آخرين و فاز موي في الانتخابات الرئاسية حيث حصل على 36.35 % من أصوات الناخبين، وفاز حزب كانو في الانتخابات البرلمانية بأغلبية مقاعد البرلمان . - يمكن القول أن فوز مواي في الانتخابات الرئاسية كان لعدة اعتبارات من أهمها(2):
1- انقسام المعارضة و عدم قدرتها على الإتحاد خلف مرشح واحد للرئاسة أو حتى التوصل لاتفاق يقلل التنافس فيما بينها
2- أصبح التعديل الدستوري الذي تطلب حصول المرشح لرئاسة الجمهورية على 25% على الأقل من أصوات الناخبين في خمس أقاليم من أقاليم كينيا الثمانية عقبه حقيقية أمام مرشحين أحزاب المعارضة لرئاسة الجمهورية.
شهدت الفترة منذ عام 1992 حتى عام 1997 مجموعة من الأحداث لعل أهمها: زيادة الصراعات الاثنية التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء.

(1): دول حوض النيل.مرجع سابق .
(2): كينيا المأزومة.. على مفترق طرق.متحصل عليه: http://www.aaramnews.com/website/29062NewsArticle.html

و في سبتمبر 1997 وافقت الجمعية الوطنية على الدستور لضمان إجراء انتخابات ديمقراطية حدة و نزيهة، و تضمن التعديل مجموعة من النقاط من بينها إلغاء الاعتقال السياسي دون محاكمة، و إعطاء المعارضة حق في تنظيم مسيرات سلمية، و تسهيل إجراءات تسجيل الأحزاب السياسية ليصل إلى 27 حزبا في عام 1997.(1)
و فاز حزب كانو بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات البرلمانية حيث حصل على 107 مقعدا، و حصل الحزب الديمقراطي DP على 39 مقعدا ، و بعد تعيين عدد من أعضاء البرلمان أصبح حزب كانو يتمتع بأغلبية 113 مقعدا لأحزاب المعارضة.
بعد الانتخابات طالبت المعارضة و منظمات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية بمراجعة الدستور، و ظهرت بعض التنظيمات المطالبة بتغيير الدستور مثل تحالف المواطنين لتغيير الدستور Change Citizens Coalition For Constitution و في ديسمبر أصدرت الجمعية الوطنية قرارا بتعيين لجنة مختارة برلمانيا سميت لجنة مراجعة الدستور.

(1):جمهورية كينيا.متحصل عليه: http://www.muqatel.com/openshare/Behoth/Dwal-Modn1/KENYA/Sec01.doc_cvt.htm




و يمكن القول أن المرحلة الأولى من مراحل التحول الديمقراطي في كينيا كانت مرحلة تحول بدون تحويل للسلطة لأنها ظلت في يد حزب كانو الذي حكم كينيا منذ الاستقلال حتى عام 2002، وكان التحول الحقيقي في المرحلة الثانية من مراحل التحول الديمقراطي في كينيا.
المطلب الثاني:المرحلة الثانية للتحول الديمقراطي في كينيا (2002 – حتى الآن)
مع بدا عام 2002 طالبت قوى المجتمع المدني و الجماعات الدينية بتوحيد قوى المعارضة و في يناير قام قادة الحزب الديمقراطي DP و حزب فورد كينيا و الحزب الوطني الكيني(NPK) National Party of Kenya بتشكيل الاتحاد الوطني من اجل التغيير (NAC)، و عقب تشكيله قام الاتحاد بتعيين لجنة لدراسة كيفية توحيد قوى المعارضة و تقدم التوصيات في هذا الشأن(1).
و في يونيه انضمت بعض أحزاب المعارضة إلى الاتحاد(NAC) و تم تغيير اسمه ليصبح اتحاد كينيا الوطني (NAK).
وفي 27 ديسمبر 2002 أجريت الانتخابات العامة الرئاسية و البرلمانية في كينيا ، و فاز مواي كيباكي مرشح تحالف الرينبو الوطني(NARC)في الانتخابات الرئاسية و حصل على 62.2% من إجمالي أصوات الناخبين(2).


(1): الرئيس الكيني مواي كيباكي.. بين «البراعة» و«الاهتزاز» في مواجهة الأزمات .
http://www.al-majalla.com/PrintNews.asp?DB=MainNews&NewsID=1640
(2): هربال برار،(تر:ميشيل منير) .كينيا أزمة الاستعمار الجديد.متحصل عليه:
http://www.albaath.news.sy/
و قد تم وصف العملية الانتخابية بأنها أكثر نزاهة و عدالة من الانتخابات التي أجريت في عام 1992.(1)
و عام 1997، و اعتبرها البعض أهم انتخابات أجريت في القارة الإفريقية، و أنها الحدث الأكثر أهمية في تاريخ كينيا منذ حصولها على الاستقلال.
في 30 ديسمبر أدى الرئيس كيباكي اليمين الدستورية و تسلم منصبه كرئيس للجمهورية ،و قام بتشكيل حكومة وطنية.
و بعد بدء الحكومة الجديدة في ممارسة مهامها بفترة قليلة ظهر خلاف بين أربعة اتجاهات داخل تحالف الرينبو الحاكم NARC)) حول أولويات العمل و كانت هذه الاتجاهات هي(1):
-الاتجاه الأول: يمثل الحرس القديم Old Guard و هم مجموعة من السياسيين القدماء كانوا يشغلون مناصب عليا في عهد الرئيس السابق جوموكينياتا ،ويرى هؤلاء أن فترة حكم كينياتا كانت العصر الذهبي لكينيا ،و يعتبرون التحدي الأساسي الذي تواجهه الحكومة الحالية هو تنشيط دور الدولة في الاقتصاد و استعادة كفاءة الحكومة في هذا الإطار.




(1): القرن الإفريقي التداعيات الدولية والتفاعلات الإقليمية والتطورات الداخلية.متحصل عليه:
http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/R2RB28.HTM
(2):المرجع نفسه.
-الاتجاه الثاني: يمثل وزير العدل و الشؤون الدستورية السيد كروتو ميورونجي Kiruatu Marungi و بعض أنصاره ، و يطالب هذا الاتجاه الحكومة بإعطاء الأولوية لقضية محاربة الفساد و إصلاح النظام القضائي.
-الاتجاه الثالث:يمثل Raila Odinga و أنصاره من الحزب الديمقراطي الليبرالي LDP،و يطالب هذا الاتجاه بإعطاء الأولوية لقضية تعديل الدستور و إنشاء منصب رئيس وزراء يتولاه اودنجا.
-الاتجاه الرابع : يمثل مجموعة من القادة السياسيين من بينهم مودي اووري Moddy Awori نائب الرئيس و يطالب أنصار هذا الاتجاه بتقوية تحالف الرينبو الحاكم و تحقيق التعاون و التنسيق بين الأحزاب التي تتمتع بعضوية التحالف .
و عمل الرئيس كيباكي على التوفيق بين الاتجاهات الأربعة سالفة الذكر ووعد بالعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية و محاربة الفساد و تعديل الدستور .
و يمكن القول أن المرحلة الثانية من مراحل التحول الديمقراطي في كينيا قد شهدت على عكس المرحلة الأولى تحولا ديمقراطي فعليا و تحويلا للسلطة ،إلا انه مازال هناك عدد من التحديات التي تواجه مسيرة التحول الديمقراطي في كينيا.
المطلب الثالث:تقييم تجربة التحول الديمقراطي في كينيا
على الرغم من بدا عملية التحول الديمقراطي في كينيا في أواخر عام 1991، إلا أنها ظلت حوالي احد عشر عاما دون أن تشهد تحولا ديمقراطي حقيقيا.
و رغم إجراء انتخابات عامة على أساس التعدد الحزبي في عامي 1992 و 1997، إلا أنها لم تكن انتخابات حرة و لا نزيهة و صاحبها أعمال عنف واسعة النطاق.
و اخذ التصويت في هذه الانتخابات طابعا اثنيا، و استطاع الرئيس موى تفريق المعارضة عملا بسياسة " فرق تسد" و ظل في السلطة حتى عام 2002 و يمكن القول أن ما حدث خلال الفترة 1991-2002 كان مجرد تحولا شكلي لإرضاء الأطراف الخارجة خاصة الدوليين حيث يقوموا باستئناف تقديم المساعدات الدولية إلى كينيا (1).
و مع بدء عام 2002 استطاعت المعارضة تكوين تحالف الرينبو الوطني NARC)) و الذي خاض الانتخابات ضد حزب كانوKANU و حقق انتصارا ساحقا في الانتخابات الرئاسية البرلمانية .
و سنحاول إعطاء نبذة سريعة لأهم التحديات التي تواجه النظام الحاكم في كينيا و التي يجب التغلب عليها(2):
1-الحفاظ على تحالف الرينبو الوطني الحاكم NARC)) :
يعتبر الحفاظ على تحالف الرينبو الوطني من أهم التحديات التي تواجه الرئيس كيباكي خاصة بعد ظهور بعض الانقسامات الداخلية عقب إعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة .


(1): محمد الحلو، كينيا أمام مرارة سنوات طويلة من الاستبداد والنهب.متحصل عليه:
http://www.amin.org/look/amin/cartoon.php
(2):المرجع نفسه.
وفي ضوء تمسك Raila Odinga و الحزب الديمقراطي الليبرالي LDP بالتمثيل المتساوي مع اتحاد كينيا الوطني داخل مجلس الوزراء و إنشاء منصب رئيس الوزراء ورفض تحالف الرينبو الوطني في خطر ،لأنه ربما يقوم الحزب الديمقراطي الليبرالي أو بعض أعضاءه بالانشقاق عن تحالف الرينبو الوطني و الانضمام لحزب كانو.
2 -تحسين الأوضاع الاقتصادية:
وعد الرئيس كيباكي أثناء حملته الانتخابية باستعادة النمو الاقتصادي و توفير 50 ألف فرصة عمل جديدة في العام ،ولكن بعد توليه الرئاسة استمر الاقتصاد الكيني في الانخفاض .
و في عام 2004 قدر صندوق النقد الدولي IMF و البنك الدولي WB عجز الموازنة العامة في كينيا بمقدار 800 مليون دولار ،و حث الصندوق و البنك الدولي الحكومة الكينية على تخفيض هذا العجز بمقدار 25% و قدم المانحون برنامجا للإصلاح تضمن تخفيض النفقات الحكومية و خصخصة بعض المشروعات التي تملكها الحكومة .
3- مكافحة الفساد:
تعاني كينيا منذ فترة طويلة من انتشار الفساد داخل المؤسسات و الهيئات الحكومية، وتعتبر كينيا منذ عام 1997 واحدة من الدول العشر الأكثر فسادا، و هناك أسباب كثيرة لانتشار الفساد من بينها ضعف الرقابة المؤسسية خاصة من قبل البرلمان(1).


(1):السياسيون يضغطون على كيباكي لمحاربة الفساد بحسم.متحصل عليه:
http://www.panapress.com/newsara.asp?code=ara1033&dte=15/02/2005
و عملت حكومة NARLعلى تقليل الفساد داخل الدولة و لذلك أصدرت قانون مكافحة الفساد و الجرائم الاقتصادية، و قررت تطهير القضاء من الفساد.
و مازالت قضية مكافحة الفساد واحدة من القضايا الهامة على جدول أعمال الحكومة.
4-تعديل الدستور:
تعتبر قضية تعديل الدستور من القضايا المطروحة على الساحة الكينية من فترة طويلة ،و شهدت في الآونة الأخيرة اهتماما متزايدا .و قدمت اللجنة المكلفة بالتعديل مخططا أوليا تضمن التعديلات المقترحة للدستور الكيني و من أهمها تفويض السلطات إلى حكومات الأقاليم و تقليل سلطات رئيس الجمهورية(1).
5-محاربة الإرهاب:
تعاني كينيا منذ بداية التسعينات من ارتفاع معدل الجريمة خاصة في المناطق الحضرية ووقعت بعض الأعمال الإرهابية أكبرها تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي في 07 أغسطس 1998، وأعلنت الحكومة في ابريل من نفس العام الحرب على الإرهاب.




(1): عبد الله عبد القادر، كينيا.. قراءة فيما وراء الأحداث.متحصل عليه:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/81602A3B-D593-46C1-9DC4-3D8401AA4E2E.htm

(2): عبدالملك عودة، دستور جديد في كينيا.متحصل عليه:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPapers/2005/9/92042.htm?sectionarchive=NewsPapers
الخـاتمـة
يتضح مما سبق انه مع منتصف التسعينيات ساد التنافس على القارة الأفريقية بين الأقطاب المتعددة للنظام الاقتصادي الدولي نتيجة تزايد فرص استغلال القارة استثمارياً وتجارياً. ورغم احتدام التنافس بين الولايات المتحدة والقوى الأوروبية (خاصة فرنسا) على الساحة الأفريقية كما اتضح من خلال سياستهما وردود أفعالهما تجاه أحداث القارة، فإن هناك من المحللين السياسيين من يتحفظ على هذا التنافس بعدة اعتبارات منها أن القوى الأوروبية والولايات المتحدة وحلفائها، لن يتصارع بعضهم مع بعض بشأن طموحات كل منهما على الساحة الأفريقية، كما يشير البعض إلى إحياء النمط القديم في السياسة الأمريكية الذي يؤكد على أن تكون للولايات المتحدة سياستها الخاصة في أفريقيا، ولكن في إطار التنسيق والتعاون مع القوى الأوروبية ذات الميراث الاستعماري والخبرة الطويلة.
ولكن التنافس الدولي لا يقتصر على القوى الأوروبية والأمريكية فقط؛ فهناك قوى جديدة صاعدة في أفريقيا من أهمها اليابان والصين. وقد تطورت سياسات تلك الدول تماشياً مع الأوضاع الجديدة بعد انتهاء الحرب الباردة. فاليابان انحصر دورها في البداية على تقديم المساعدات إلا أنها مع أواخر الثمانينيات أعلنت سياسة جديدة تقوم على محاور ثلاثة: المساعدات، والتبادل الثقافي، وحفظ السلام. وعملت اليابان على دعم التنمية في القارة الأفريقية وإثارة انتباه المجتمع الدولي تجاه أفريقيا بعد الاتجاه إلى تهميشها؛ وذلك بدعوتها لعقد مؤتمر طوكيو الدولي الأول لتنمية أفريقيا - المعروف باسم تيكاد ـ عام 1993م ثم عقد المؤتمر الثاني عام 1998م. وبصفة عامة تركز اليابان في علاقتها مع أفريقيا على الجانب الاقتصادي مستخدمة في ذلك عدة أدوات أهمها المساعدات والاستثمارات والعلاقات التجارية. وتعد اليابان الدولة الأولى المانحة للمساعدات في أفريقيا منذ بداية التسعينيات.
ويعد هذا التنافس الذي تعددت أقطابه دليلاً على عودة الاهتمام بالقارة الأفريقية؛ وهو ما تجسد في الفترة الأخيرة في دعم الدول الصناعية الكبرى لمشروع الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (المعروف باسم نيباد) ولكن لا يزال السؤال مطروحاً: هل مشروع التنمية الجديد يعبر بالفعل عن شراكة جديدة، أم انه مجرد مؤشر جديد على التنافس الدولي في أفريقيا، ومحاولة لفرض النموذج الغربي للتنمية على الدول الأفريقية؟
أما كينيا فقد بدأت مسيرة التحول الديمقراطي منذ 1991 ،ولكنه ظل حتى عام 2002 تحولا شكليا لا يتعدى الأخذ بنظام التعدد الحزبي بدلا من نظام الحزب الواحد وهذه التجربة لا زالت في طورها الأول حيث عملية التحول الديمقراطي لا بد أن تتبعها تنمية اقتصادية.
مقدمة:

كانت القارة الأفريقية محلاً للمنافسة بين القوى الدولية الكبرى لعهود طويلة، فقد بدأ الاحتكاك الأوروبي بأفريقيا عن طريق المستكشفين والتجار والبعثات التبشيرية منذ القرن الخامس عشر حيث أبحرت السفن البرتغالية إلى سواحل غرب أفريقيا، وانشأ البرتغاليون عدداً من الحصون الساحلية مارسوا من خلالها تجارة مربحة في الذهب والعاج والعبيد. وقد ازدهرت حركة تجارة العبيد في تلك الفترة، وشارك فيها تجار هولنديون وبريطانيون وفرنسيون إلى جانب البرتغاليين فيما أطلق عليه: «مثلث الأطلنطي للتجارة» حيث كان التجار الأوروبيون ينقلون العبيد الأفارقة عبر المحيط الأطلسي للعمل كمزارعين في الأراضي الأمريكية، ثم تنقل المحاصيل الزراعية إلى أوروبا لبيعها.
وفي أواخر القرن التاسع عشر تدافعت القوى الأوروبية للسيطرة على القارة الأفريقية فيما أطلق عليه: «التكالب الاستعماري على أفريقيا» والذي كرسه مؤتمر برلين 1884م بوضع القواعد العامة لتأسيس مناطق الهيمنة للقوى الأوروبية الرئيسية (بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، ألمانيا) في القارة الأفريقية. وقد صورت هذه القوى الأوروبية مهمتها على أنها تهدف إلى نشر الحضارة والمدنية في كافة مناطق العالم المتخلف ومنها أفريقيا، إلا أن هذا الاستعمار كان السبب الحقيقي لتخلف القارة؛ حيث استنزف مواردها الطبيعية ووجهها لخدمة الاقتصاد الأوروبي.
وفي أواخر خمسينيات وستينيات القرن العشرين بدأت الدول الأفريقية تحصل على استقلالها تباعاً. ورغم تراجع أهمية ومكانة القوى الأوروبية التقليدية التي كانت تسيطر على أفريقيا إلا أن التنافس الدولي في القارة استمر مع تغير الفاعلين الرئيسيين. ففي ظل نظام القطبية الثنائية الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية حلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق محل القوى الأوروبية التقليدية مع اعتراف الولايات المتحدة بمصالح تلك القوى التقليدية في القارة الأفريقية؛ فقد انتقل الصراع بين القطبين في مرحلة الحرب الباردة إلى الساحة الأفريقية، ولكن اهتمام القطبين بالقارة في تلك الفترة تركز على محاولة استقطاب الدول الأفريقية بهدف العمل على زيادة كل طرف لنفوذه واحتواء الطرف المضاد.
مع نهاية الحرب الباردة ظهرت عدة مؤشرات ودلائل على تراجع الأهمية الإستراتيجية للقارة الأفريقية، وظهر اتجاه بارز في أدبيات العلاقات الدولية يؤكد أن القارة الأفريقية لم تعد تحتل أهمية كبيرة للدول الكبرى الأوروبية أو للولايات المتحدة الأمريكية مستنداً في ذلك إلى تناقص معدلات المعونات والقروض الموجهة من تلك القوى إلى القارة الأفريقية، أو الربط بين تقديم المعونات وبين مدى التزام الدول الأفريقية بالتحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان فيما أصبح يعرف باسم: «المشروطية السياسية». وفي الوقت نفسه أدى بروز دول أوروبا الشرقية وإتباعها نهج الإصلاح

الاقتصادي إلى لفت انتباه القوى الكبرى إلى هذه الدول، وتخصيص قدر متزايد من المعونات والقروض إليها على حساب المعونات والقروض الموجهة إلى الدول الأفريقية.
بذلك فإن القارة الأفريقية تضاءلت أهميتها على المستوى الجيوبوليتيكي؛ حيث تراجعت أهميتها الإستراتيجية كمسرح للصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي. كما تراجعت أهميتها تنموياً؛ حيث عاد مركز الثقل إلى دول وسط وشرق أوروبا باعتبارها تمتلك بنية أساسية اقتصادية مناسبة إلى حد بعيد لعمليات التحول نحو الليبرالية واقتصاد السوق. ولكن مع منتصف التسعينيات بدأ اتجاه تهميش القارة الأفريقية في التراجع؛ حيث برز التنافس الاقتصادي بين القوى الكبرى (خاصة الولايات المتحدة وفرنسا) في القارة.
تعد كينيا نموذجا للدول الإفريقية التي تنافس الغرب من اجل الاستحواذ عليها خاصة بعد الحرب الباردة وانتشار موجة التحول الديمقراطي سواء كانت برغبة من هاته الدول أو مفروضة عليها.
ومنه نطرح الإشكال التالي:
ما مدى تأثير العوامل الداخلية والخارجية في عملية التحول الديمقراطي في إفريقيا؟وأيهما اشد تأثيرا في التجربة الكينية؟
للإجابة على هذه الإشكالية طرحنا هذه الفرضية:

- عملية التحول الديمقراطي كانت نتيجة لتأثير البيئة الخارجية على دول القارة الإفريقية وهذا لافتقارها لأسس وقواعد داخلية متينة .
- عملية الدمقرطة في كينيا كانت نتيجة للانقسامات الداخلية والمطالبة بإدخال إصلاحات سياسية و المشاركة في الحكم الإضافة إلى العوامل الخارجية.
وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على المنهج التاريخي لأنه الأنسب لسرد مختلف المراحل التي مر بها. عملية التحول الديمقراطي في إفريقيا.
وكذا على منهج دراسة الحالة على اعتبار أننا بصدد دراسة التحول الديمقراطي في كينيا.
ومحاولة منا للإجابة عن الإشكالية المطروحة أعلاه، وكذا محاولة تغطية الفرضيات في مستوى التحليل تم تناول الموضوع من خلال فصلين:تضمن الفصل الأول العوامل الداخلية و الخارجية للتحول الديمقراطي في إفريقيا.
أما الفصل الثاني فقد تضمن نموذجا لعملية التحول الديمقراطي وهي دولة كينيا وقد تم دراسة أهم الأسباب التي أدت إلى عملية التحول الديمقراطي .




الفصل الأول:التحول الديمقراطي في إفريقيا
إن القول الإفريقي المأثور الذي ينص على أنه "في حالة تصارع فيلين كبيرين فإن الحشائش من تحت أقدامهما هي وحدها التي تعاني"، يؤكد على معنى ومدلول الوضعية الهامشية التي تحتلها إفريقيا على الصعيد الدولي منذ نهاية القرن التاسع عشر، إذ لا يخفى أن إفريقيا كانت ولا تزال بمثابة نظام إقليمي تابع في المنظومة الكونية، ومن المرجح أن تظل كذلك في الألفية الثالثة من الميلاد. وقد شهدت مرحلة ما بعد الحرب الباردة تبدلاً في أوضاع ومقتضيات التفاعلات الخارجية لإفريقيا؛ حيث أضحى التنافس من أجل الأسواق والنفوذ وتحقيق المصالح مفتوحًا أمام الدول الكبرى كافة.
المبحث الأول:العوامل الداخلية للتحول الديمقراطي في إفريقيا
المطلب الأول: الأوضاع السياسية:
تتكون أفريقيا حاليا من ‏53‏ دولة‏، ‏ وهذا الرقم يرسم صورة التجزؤ والتفكك والتمزق السياسي. وفي أفريقيا اليوم يبلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة 140 حالة لكل 1000 طفل، كما أنّ معدل الحياة المتوقعة عند الولادة لا يتجاوز 54 عاما، ويحصل 58 % فقط من السكان على مياه نظيفة، ويصل معدل الأمية بين السكان الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاما 41 %.(1)
(1):عبد الله تركماني، جدل التنمية و الديمقراطية في العالم العربي و إفريقيا.متحصل عليه:
Http://www.thissyria.net/2007/08/30/writers/02.htm#top
إنّ الدول الأفريقية، التي بدأت موجة الاستقلال الكبرى الأولى من القوى الاستعمارية عام‏1960‏، ردد قادتها شعارات الحرية والتنمية الاقتصادية كسبيل للنهوض بدول القارة‏،‏ بيد أنّ الشعارات والأهداف الأفريقية النبيلة التي التفت الشعوب من حولها سرعان ما انتكست‏،‏ مما أدى إلى تدهور الأوضاع‏،‏ وهو ما أسفر عن إهدار العديد من الدول الأفريقية لفرص التقدم والنمو الاقتصادي‏.‏(1)
وثمة إجماع في الرأي، من جانب عدد من الخبراء المعنيين بالشؤون الأفريقية،‏ أنّ أبرز أسباب إهدار إفريقيا لفرص التقدم هي‏:‏
- أولا‏: غياب النظم الديمقراطية‏:
وليس أدل على ذلك من أنّ أفريقيا صارت ساحة مفتوحة لتعاقب الانقلابات العسكرية، كما تبني العديد من الزعماء الأفارقة نظام الحزب الواحد لحكم بلادهم. التكيف الأيديولوجي وأسس الشرعية: كانت المشكلة التي واجهت الزعماء الأفارقة في الفترة التالية لنهاية الاستعمار هي كيفية خلق الشرعية لنظمهم وتبني التكيف الملائم، ولم تكن الديمقراطية الليبرالية علي أجندة سياستهم. وكان المنطق الذي قاد فكر الزعماء الأفارقة بعد الاستقلال هو قانون البقاء. و على سلم أولوياتهم كيفية قبول الشعوب لهم.

(1):المرجع نفسه.
وقد اقتضي تحويل وجهة النظر هذه إلي واقع ضرورة الاهتمام بتنظيم الأحزاب السياسية من خلال برامج قابلة للتطبيق وتحريك الناخبين من أجل كسب الانتخابات.
‏ مما أشاع عدم الاستقرار السياسي في العديد من دول القارة‏.‏
- ثانيا‏:‏ غياب نظم الحكم الرشيدة في العديد من الدول الأفريقية:
مما أدى إلى تفشّي: الفساد‏‏، والقبلية‏‏، والنزاعات العرقية التي عبرت عن نفسها في سلسلة جهنمية من الصراعات العرقية والحروب الأهلية التي دمرت إمكانيات التقدم‏(1).‏ ‏ -ثالثا:‏ الهجرة:
في ظل هذه الأوضاع المتردية،‏ لم تجد النخب الأفريقية سبيلا للحياة سوى بالهجرة إلى الخارج‏،‏ وهو ما يعرف باسم هجرة العقول أو نزيف العقول الأفريقية‏،‏ ولا جدال في أنّ مثل هذه الهجرة تقلص عدد الكوادر المتعلمة القادرة على المشاركة الفعالة في تنمية الأقطار الأفريقية(2)‏.‏
المطلب الثاني: الوضع الاقتصادي في أفريقيا:
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في أغلب الأقاليم الأفريقية تبعث على القلق: إنّ منطقة شمال أفريقيا لا تزال تعتبر أهم المناطق الاقتصادية في أفريقيا حيث تساهم

(1):سامية مشالي، التنافس...التغيير...الاستمرارية وعملية التحول الديمقراطي في إفريقيا.متحصل عليه:
http://www.sis.eg/ar/publications/155/156/157/158.htm
(2):المرجع نفسه.
بنسبة 41 % من الدخل القومي للقارة، مقابل 17 % لغرب أفريقيا، و5.3 % لوسطها، و8.4 % لشرقها، و28.3 % لمنطقة الجنوب الأفريقي(1).
ولا شك أنّ الناتج الإجمالي للقارة يتأثر بعامل رئيسي ألا وهو أسعار النفط، وهو تحدٍ يواجه القارة منذ عقود، ففي الوقت الذي تساهم فيه زيادة أسعار النفط في نمو سريع في الدول الإحدى عشرة المنتجة للبترول في أفريقيا، إلا أنّ ذلك يؤدي إلى ازدياد التضخم وإلى صعوبات اقتصادية كبيرة في الدول الأخرى المستوردة للنفط (42 دولة في القارة).
ومن جهة أخرى، أظهر القطاع الصناعي الأفريقي ضعفا في التعامل مع التطورات الاقتصادية الدولية، بسبب انخفاض الاستثمارات في هذا القطاع، وخصوصا في مجال تطوير المصانع القديمة وتزويدها بآلات حديثة تساير التطورات التكنولوجية العالمية(2).
أما قطاع الخدمات، الذي شهد أسرع القطاعات نموا، فإنه لن يؤدي إلى إحداث تغيّرات جوهرية في الأداء الاقتصادي كما كان مأمولا منه، بسبب أنه تركز أساسا في المدن، في حين أن غالبية السكان يقيمون في الريف. إذ يعمل في قطاع الزراعة أكثر من 70 % من القوى العاملة، ويساهم بما يقدر بنحو 30 % من الإنتاج القومي الكلي للقارة، ومع ذلك فإنّ المزارعين الأفارقة هم أكثر فئات المجتمع فقرا(3).

(1):عبد الله تركماني، مرجع سابق.
(2):المرجع نفسه.
(3): المرجع نفسه.
المبحث الثاني: العوامل الخارجية للتحول الديمقراطي في إفريقيا
المطلب الأول: السياسة الأمريكية في أفريقيا:
أ- تطوير الاهتمام الأمريكي بالديمقراطية في إفريقيا :
- مرحلة ما قبل أحداث سبتمبر 2001:
في فترة الحرب الباردة لم تكن الدبلوماسية الأمريكية جادة في التدخل في القضايا الأفريقية بشكل مباشر، وكانت تركز في سياستها تجاه أفريقيا على تحقيق أربعة أهداف رئيسية هي: احتواء المد الشيوعي، حماية خطوط التجارة البحرية، الوصول إلى مناطق التعدين والمواد الخام، ودعم ونشر القيم الليبرالية الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان. إلا أن المتغيرات الدولية الجديدة وقيادة النظام أحادي القطبية أدى إلى إعادة توجيه السياسة الأمريكية نحو أفريقيا، وإعادة ترتيب أولوياتها وأهدافها .
ب- الأهداف والمصالح الأمريكية في القارة الأفريقية:
ترتبط السياسة الأمريكية في أفريقيا بعدة مصالح:
• الناحية الاقتصادية:
تهدف الولايات المتحدة إلى فتح أسواق جديدة في مناطق مختلفة من العالم ومن أبرزها القارة الأفريقية التي تتسم بوجود فرص هائلة للاستثمار وأسواق مفتوحة للمنتجات الأمريكية يؤيدها في ذلك الشركات الأمريكية الهادفة إلى توسيع نطاق الاستثمارات الخارجية، وفتح الأسواق الأفريقية الواسعة أمام السلع الأمريكية.
ويمكن تلمُّس أهداف التحرك الاقتصادي الأمريكي في أفريقيا من خلال التقرير الذي صدر عن مجلس العلاقات الخارجية في منتصف عام 1997م بعنوان: «تعزيز العلاقات الاقتصادية للولايات المتحدة مع أفريقيا» والذي أوصى بان تكون الولايات المتحدة في مقدمة الدول الصناعية الكبرى التي تستفيد من الفرص الجديدة في أفريقيا. واستناداً إلى ذلك عملت الإدارة الأمريكية السابقة للرئيس كلينتون على تطوير التجارة الأفريقية وبرامج التنمية الاقتصادية، وهو ما اتضح من خلال عدة مؤشرات أهمها زيارة الرئيس كلينتون إلى القارة الأفريقية عام 1998م؛ حيث أطلق خلال زيارته مبدأ أو شعار: «التجارة لا المساعدات» كسبيل إلى ازدهار القارة. وقد جاء إعلان هذا الشعار في إطار سعي إدارة الرئيس الأمريكي السابق إلى تأسيس شراكة أمريكية أفريقية جديدة تكرست فيها مع الإدارة الأمريكية الجديدة بعد موافقة الكونجرس على قانون النمو والفرص في أفريقيا الذي يقوم على دعم الدول الأفريقية بالمساعدات الاقتصادية، وفتح الأسواق الأمريكية أمام سلع ومنتجات دول القارة بشرط نجاح هذه الدول في تحقيق بعض الشروط المتعلقة بالديمقراطية والتحرر الاقتصادي(1).
ولا شك أن تحقيق الأهداف الاقتصادية الأمريكية في القارة الأفريقية يتطلب تنافساً حاداً مع الدول الأوروبية التي سيطرت على الثروات والموارد الطبيعية للقارة لعهود
(1):راوية توفيق، التنافس الدولي في القارة الإفريقية.متحصل عليه:
http://albayan-magazine.com/files/africa/index/htm

طويلة؛ وخاصة أن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير نسب التبادل التجاري بين أفريقيا والعالم الخارجي لصالحها وهي النسب التي تحتل فيها الدول الأوروبية النصيب الأكبر.
• الناحية السياسية:
ترفع الولايات المتحدة مبدأي: الديمقراطية، وحقوق الإنسان كركيزتين أساسيتين للسياسة الخارجية الأفريقية؛ إلا أن هذه المبادئ مجرد أداة تستغلها السياسة الأمريكية لتحقيق مصالحها وليست هدفاً تسعى إلى تحقيقه. فالمصالح الأمريكية تتجه في بُعدها السياسي إلى تطوير العلاقات مع دول القارة الأفريقية بما يخدم ويعزز المصالح الأمريكية الحيوية في القارة، وتتعامل مع هدف تشجيع الديمقراطية لدى النظم الأفريقية الحاكمة بمبدأ النسبية؛ حيث ترتبط بمدى الاهتمام الأمريكي بحالة كل نظام سياسي على حدة تبعاً لطبيعة المصالح التي قد تختلف من دولة إلى أخرى. وبعد انتهاء الحرب الباردة تغيرت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إفريقيا لدعم الديمقراطية و حقوق الإنسان(1).
حيث بدأت في الضغط على نظم كالصومال و زائير و فرض شروطها الخاصة بالديمقراطية و حقوق الإنسان عليها، ففي كينيا، بدأت علاقة الولايات المتحدة معها تتراجع، و بدأت الولايات المتحدة في الضغط على الحكومة الكينية للسماح بالتعددية

(1):حمدي عبد الرحمن، أبعاد السياسة الأمريكية الجديدة تجاه إفريقيا.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/apolitic.asp
الحزبية و قامت بتجميد 52 مليون دولار من المساعدات العسكرية لكينيا ، و اتبعت نفس السياسة مع دول أخرى مثل مالاوي، الكاميرون، زائير ،توجو، وغيرها(1).
واستمرت نفس السياسة مع إدارة كلينتون(1992-1998 ) الذي أعلن رغبة الولايات المتحدة في دعم التنمية و الديمقراطية من اجل إقامة الاستقرار العالمي (2).
كما تهدف الولايات المتحدة بالأساس في علاقتها مع أفريقيا إلى الحد من النفوذ الأوروبي، والانفراد بالنفوذ في القارة من اجل الحفاظ على الزعامة العالمية.
وفي سبيل تحقيق تلك الأهداف السياسية تعمل الولايات المتحدة على تشكيل نخب جديدة في أفريقيا موالية للغرب عموماً وللولايات المتحدة بشكل خاص، وهم من تسميهم الولايات المتحدة بالقادة الجدد في أفريقيا أمثال ميليس زيناوي في أثيوبيا، وأسياسي أفورقى في إرتريا، ويوري موسيفيني في أوغندا(3).
• الناحية العسكرية والأمنية:
تسعى الولايات المتحدة إلى تحسين قدرة القارة على التعامل مع المشكلات الأمنية المؤثرة على الأمن العالمي بصفة عامة وعلى الأمن الأمريكي بصفة خاصة وأهمها الإرهاب. كما تسعى إلى دعم الحلول السلمية للنزاعات المسلحة في القارة في مناطق
(1):بدر حسن شافعي، جولة بوش الإفريقية...مكاسب أكثر و تورط اقل.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2003/07/article06.sh
(2): حمدي عبد الرحمن، السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا من العزلة إلى الشراكة، السياسة الدولية، العدد 14،يناير 2001م، ص 192 ـ 193.
(3):المرجع نفسه.
البحيرات العظمى والقرن الأفريقي وجنوب السودان بشكل يحقق مصالحها(1).
وفي هذا الإطار بادرت الولايات المتحدة بتشكيل قوة تدخل أفريقية لمواجهة الأزمات استناداً إلى المبادرة الخاصة بمواجهة الأزمات الأفريقية. بالإضافة إلى ذلك تركيز الولايات المتحدة على قضايا الإسلام السياسي في القارة؛ وخاصة بعد تفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا(2).
- مرحلة ما بعد أحداث سبتمبر 2001:
أولا: موقع الديمقراطية في السياسة الخارجية الأمريكية .
- كانت المرحلة الأولى من فترة حكم بوش عنوانها الرئيس " الحرب على الإرهاب " و في إطار هذه الحرب برز "مبدأ بوش" عن التدخل المنفرد و الحروب الاستباقية .
و الهدف منها هو نشر الحرية(3).
فالإرهاب الذي ضرب واشنطن و نيويورك في سبتمبر 2001 هو نبت الاستبداد وحده و ليس نتاجا لأي شئ آخر.
ثانيا: إفريقيا و نشر الديمقراطية في السياسة الأمريكية :
في إستراتيجية الأمن القومي الصادرة في2002 أكدت على أن هناك "بيئة تشكل
(1):احمد إبراهيم محمود، أبعاد تشكيل قيادة عسكرية أمريكية لإفريقيا.متحصل عليه:
http://ifriqiyah.com/cnt/africa/africaarticale/int59.htm
(2): راوية توفيق، مرجع سابق.
(3):المرجع نفسه.
خطورة اكبر على الحياة في إفريقيا تنشأ مع انتشار الحروب الأهلية المحلية لتخلق مناطق
حرب إقليمية(1).
فالسياسات التي أعلنت عنها الإستراتيجية في القارة تمثلت في (2):
- الدول ذات الأثر الرئيسي على محيطها مثل جنوب إفريقيا و نيجيريا و كينيا.
- التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين و المنظمات الدولية أمر ضروري للتوسط البناء في النزاعات ،وفي تنفيذ عمليات سلمية ناجحة .
– دعم الدول الإفريقية القادرة على الإصلاح .
و سعي نحو وضع هذه التوجهات موضع التنفيذ ومن ذلك :
- تكثيف التواجد العسكري الأمريكي في مناطق إفريقيا المختلفة وتدخل إذا لزم الأمر.
- تسوية الصراعات المعقدة في إفريقيا.
- تكثيف الزيارات السياسية إلى إفريقيا ، فقد زار بوش 05 دول افريقية في يوليو
2003 ( السنغال ، جنوب إفريقيا ،بوتسوانا ، أوغندا ، نيجريا) آليات الديمقراطية تفرض مفهوم قيادة أمريكا لإفريقيا و هاته الأخيرة حساسة تجاه الهيمنة بحكم خروجها حديثا من مواجهات بعضها كان داميا.


(1): بدر حسن شافعي.مرجع سابق.
(2):المرجع نفسه.
و يساعد على تدعيم هذه الرؤى ماتتسم به دول القارة من خصائص :
- الفساد و عدم الاستقرار السياسي .
– عدم الانتماء الشعوب الإفريقية لحكامها و حكوماتها.
- تخبط الرؤى حول الحقوق و الواجبات، و عدم القدرة على تنفيذ العقود و الاتفاقات.
- عدم وجود بيئة صالحة للاستثمار ، فالفساد و عدم الاستقرار السياسي .
- تعدد الفواعل الخارجية التي تسيطر و تهيمن على السياسات الإفريقية.
المطلب الثاني: سياسة القوى الأوروبية في أفريقيا:
يرجع الارتباط الأوروبي بالقارة الأفريقية إلى عهود طويلة، وقد استطاعت أن تحافظ على مصالحها في القارة، حتى في ظل نظام القطبية الثنائية الذي تراجعت فيه أهمية ومكانة القوى الأوروبية التقليدية التي كانت تسيطر على أفريقيا راعت الولايات المتحدة مصالح حلفائها الأوروبيين في مناطق نفوذهم التقليدية في القارة(1).
وفي ظل النظام العالمي الجديد في التسعينيات نشأت بيئة جديدة أثرت على الطرفين الأوروبي والأفريقي، ومن ثم على شكل ومضمون العلاقات فيما بينهما.
لذلك عملت الدول الأوروبية على تدعيم علاقاتها بالقارة الأفريقية على عدة مستويات

(1):بدر حسن شافعي، العلاقات الإفريقية-الأوروبية.. تنمية أم تبعية.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/10/article42.shtml#top

وفي عدة أبعاد؛ ففي إطار التعاون الجماعي يوجد عدة أطر للتعاون في الأبعاد الاقتصادية والأمنية. فمن الناحية الاقتصادية تتعدد أطر التعاون، ومن أهمها(1):
- إطار اتفاقية لومي: وهو أحد أهم قنوات العلاقات متعددة الأطراف التي تربط دول الاتحاد الأوروبي مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء ودول المحيط الهادي والكاريبي. وقد وُقِّع في إطارها أربع اتفاقيات بدأت الأولى عام 1975م وضمت 46 دولة من دول أفريقيا والمحيط الهادي والكاريبي، وتوسعت العضوية حتى ضمت حوالي 69 دولة في اتفاقية لومي الرابعة التي طبقت في الفترة من 1995-2000م. وقد حرصت دول الاتحاد الأوروبي على تجديد الاتفاقية بعد انتهائها؛ حيث صاغت اتفاقية جديدة هي اتفاقية كوتونو في يونيو 2000م.
واتفاقيات لومي هي أساساً اتفاقيات تنموية استطاعت الدول الأفريقية الاستفادة منها سواء في النظام التجاري المعمول به، أو المعونات المالية الممنوحة لأغراض التنمية. إلا أن الحوار بين دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الأفريقية ودول المحيط الهادي والكاريبي في الفترة التي سبقت إعلان اتفاقية كوتونو الأخيرة كشف عن إدخال عناصر جديدة إلى اتفاقية التعاون بين الجانبين؛ حيث طرحت قضايا الحوار السياسي والحكم الجيد وحل الصراعات كمبادئ أساسية للاتفاق الجديد، وهي المبادئ التي أشارت إليها اتفاقية لومي الرابعة.
(1): راوية توفيق، مرجع سابق.
من الجدير بالذكر أن طرح الولايات المتحدة لقانون النمو والفرص في أفريقيا كان الغرض منه منافسة إطار اتفاقيات لومي مما يعد مظهراً من مظاهر التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية في أفريقيا.
- إطار الشراكة الأوروبية المتوسطية: يلاحظ أن الدول الأوروبية في تعاملها مع القارة الأفريقية عملت على فصل الشمال الأفريقي عن الجنوب الأفريقي؛ فإذا كان إطار اتفاقيات لومي قد تعامل مع دول أفريقيا جنوب الصحراء فإنها شكلت إطاراً جديداً للتعامل مع دول الشمال الأفريقي؛ من خلال مشروع الشراكة الاورو-متوسطية.
وقد أسس مؤتمر برشلونة 1995م هذا الإطار تعبيراً عن وضع أساس جديد للعلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط بما فيها دول شمال أفريقيا.
ويقوم هذا الأساس على شراكة اقتصادية وأمنية وسياسية. ففي المجال الأمني أورد إعلان برشلونة خمسة مبادئ أساسية هي: حل المنازعات بالطرق السلمية، الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نزع أسلحة الدمار الشامل، مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، احترام مبدأ المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وفي المجال الاقتصادي أكد الإعلان على أهمية تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومستدامة، وإقامة منطقة تجارة حرة بشكل تدريجي حتى عام 2010م، والحوار بين الطرفين في قضايا الديون والمساعدات.
ويعد هذا المشروع بدوره ـ مثله كمثل الإطار الأول ـ معبراً عن التنافس الأوروبي الأمريكي في القارة. فتأييد الاتحاد الأوروبي لمشروع الشراكة الأوروبية المتوسطية يصطدم مع تأييد الولايات المتحدة للمشروع الشرق أوسطي. كما أن منطقة الشمال الأفريقي هي منطقة تنافس أمريكي فرنسي؛ حيث طرحت الولايات المتحدة في يونيو 1998م مشروع شراكة اقتصادية أمريكية مغاربية مع دول المغرب العربي الثلاث تمهيداً لإقامة منطقة للتجارة الحرة تتنافس بها مع العلاقات الخاصة التي تربط الدول الأوروبية بهذه الدول.
-التعاون الجماعي على المستوى الأمني:
فقد سعت الدول الأوروبية بعد مذابح رواندا إلى دعم الدبلوماسية الوقائية، وبحث إمكانية تشكيل قوات أفريقية لحفظ السلام في إطار الدور الأساسي الذي يمكن أن تلعبه منظمة الوحدة الأفريقية. وقد حاولت دول الاتحاد الأوروبي منع نشوب الصراعات في القارة الأفريقية من خلال مشاركتها في عمليات الإنذار المبكر، والمشاركة في الدبلوماسية الوقائية، والمشاركة في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ومن أمثلة النزاعات التي حاولت دول الاتحاد الأوروبي التدخل لحلها الحرب الأثيوبية الإريترية؛ حيث أرسل الاتحاد الأوروبي وفداً ثلاثياً يضم ممثلين عن ألمانيا والنمسا وفنلندا إلى أديس أبابا في مهمة وساطة لمحاولة تهدئة الصراع بين البلدين(1).
وفي إطار العلاقات الخاصة التي تربط بين بعض الدول الأوروبية وأفريقيا تجدر الإشارة بشيء من التفصيل إلى العلاقات الفرنسية الأفريقية وسياسة فرنسا في أفريقيا.
(1):المرجع نفسه.


المطلب الثالث:السياسة الفرنسية في أفريقيا:
تشكِّل القارة السمراء إحدى أهم دوائر السياسة الخارجية الفرنسية، وهو الأمر الذي عبَّر عنه الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران في القمة الفرنسية الأفريقية التي عقدت في بيارتيز بفرنسا (نوفمبر 1994)، حيث أكَّد للحاضرين أنه بدون أفريقيا لن يكون لفرنسا تاريخ في القرن الحادي والعشرين. فالقارة السمراء كانت مجد فرنسا ومنطقة نفوذها التاريخية؛ لذا فمن الصعب تخيل قيام رئيس أو حكومة فرنسية -أيًّا كانت توجهاتها- بالتخلي عن أفريقيا(1).
وقد حافظت فرنسا على علاقاتها بالدول الأفريقية التي استقلت عنها نتيجة لسياسة تعاونية محكمة ودقيقة طبقتها مع هذه الدول في المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية.
ومنذ انتهاء الحرب الباردة تأثر النفوذ الفرنسي في أفريقيا نتيجة عدة اعتبارات أهمها: انخفاض الأهمية الإستراتيجية لأفريقيا لدى القوى الغربية بصفة عامة، والنشاط الأمريكي المتزايد المنافس لفرنسا في القارة.






(1):بدر حسن شافعي، القمة الفرنسية-الإفريقية...تقريب المسافات.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2002/02/articale11.shtml#top
أ-المصالح الفرنسية في القارة الأفريقية:
تتشعب المصالح الفرنسية في القارة ما بين مصالح اقتصادية وسياسية وإستراتيجية أمنية:
• من الناحية الاقتصادية:
تتركز المصالح الفرنسية في القارة في البحث عن أسواق لتصريف المنتجات والسلع الفرنسية المصنعة والحصول على مـواد أولية لتنمية الصناعات الفرنسية، خاصة أن فرنسا تعاني نقصاً في هذه المواد داخل أراضيها.
وقد استطاعت فرنسا تدعيم وجودها الاقتصادي في القارة الأفريقية من خلال العديد من الآليات ومن أهمها التجارة البينية؛ فما زالت فرنسا المستورد الأول للمواد الخام والمصدر الأول للسلع المصنعة في بعض الدول الفرانكفونية، والاستثمارات التي تعتبر من أهم الاستثمارات الأجنبية في بعض الدول الفرانكفونية (كوت ديفوار والجابون)، وإنشاء شبكة مواصلات واسعة تربط بين الأجزاء المختلفة للقارة الأفريقية وبين هذه الأجزاء وفرنسا، بالإضافة إلى منطقة الفرنك الفرنسي التي ترتبط بها ست عشرة دولة من غرب ووسط أفريقيا، وتتيح لمواطني هذه الدول التعامل بالعملة الفرنسية(1).



(1): بدر حسن شافعي، فرنسا ضحكت على الأفارقة بالملف العراقي.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/politics/2003/02/4article12.shtml#top
وكانت فرنسا في فترة الحرب الباردة تركز على تحقيق هذا الهدف؛ إذ أدركت أن المنافسة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سيكون مجالها الرئيسي أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ومن ثم يصبح المجال الدولي الوحيد الذي يمكن أن يظل مفتوحاً أمام النفوذ الفرنسي بعيداً عن المنافسة مع الدولتين العظميين هو القارة الأفريقية. إلا انه مع انتهاء الحرب الباردة تراجعت الأهمية الاقتصادية لأفريقيا لدى فرنسا، ولم تعد أفريقيا تمثل اهتماماً اقتصادياً أولياً حتى أصبحت أفريقيا تعتمد على اقل من 5 % من نسبة التجارة الفرنسية؛ كما لم تعد تستقبل سوى اقل من 20% من حجم الاستثمارات الفرنسية المباشرة في العالم(1).
• من الناحية السياسية :
تهدف فرنسا إلى تحويل الفرانكفونية من تجمع ثقافي إلى حركة سياسية لإنشاء تجمع سياسي فرانكفوني في أفريقيا له صوت سياسي يؤخذ به في الساحة الدولية، وهو ما يعني إنشاء تيار سياسي مناهض للتيار الأنجلوسكسوني- الأمريكي تجتمع تحت مظلته جميع الدول الهادفة إلى الحد من الهيمنة الأمريكية. كما تسعى فرنسا في هذا الإطار إلى الحفاظ على استقرار الأنظمة الأفريقية(2).


(1): بدر حسن شافعي، العلاقات الأفريقية- الأوربية.. تنمية أم تبعية؟ .متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/10/articls42.shtml#top
(2): بدر حسن شافعي، في البحيرات العظمى.. فرنسا ترتدي ثوبا أمريكيا.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/08/articl24.shtml#top

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف السياسي توظف فرنسا أدوات اقتصادية وثقافية،
فهي تسعى إلى إنشاء شبكات للتعاون والتبادل الاقتصادي والتكنولوجي لدعم التنمية في الدول الفرانكفونية. كما تتميز فرنسا ـ مقارنة بالدول الغربية الأخرى ـ في استخدام الأداة الثقافية معتمدة في ذلك على اللغة المشتركة، فاللغة الفرنسية هي السائدة في دول غرب ووسط القارة، والمؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية المنتشرة في الأرجاء المختلفة للقارة بالإضافة إلى إطار المنظمة الفرانكفونية التي تضم كافة الدول الناطقة بالفرنسية ومنها الدول الأفريقية والتي توسعت لتضم دولاً غير فرانكفونية(1).
• من الناحية العسكرية والأمنية:
كانت فرنسا في فترة الحرب الباردة تهدف إلى منع انتشار النفوذ السوفييتي في القارة أو الحد من انتشاره. وبعد انتهاء الحرب الباردة أصبح الخطر الرئيسي الذي يتهدد المصالح الفرنسية في أفريقيا هو الولايات المتحدة التي تحاول أن تدعم تواجدها بالقارة، والإسلام
السياسي الذي اخذ يتزايد في التسعينيات في القارة الأفريقية على أطراف الصحراء وفي القرن الأفريقي وخاصة أن نسبة المسلمين في بعض الدول الفرانكفونية نسبة مرتفعة (2).
كما تسعى فرنسا إلى السيطرة على المواقع الإستراتيجية في بعض الدول الأفريقية.

(1): راوية توفيق، مرجع سابق.
(2):المرجع نفسه.
فقد اهتمت ـ على سبيل المثال ـ بإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي لمراقبة المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف تعتمد فرنسا على عدة آليات أهمها القواعد العسكرية التي أنشأتها في ست دول أفريقية(1)، قوة التدخل السريع التي أنشأتها فرنسا وفقاً لخطة عسكرية جديدة اعتمدتها عام 1993م، وتوجد هذه الآلية في جنوب غرب فرنسا وتستطيع أن تتدخل في وقت قصير في كل أنحاء القارة، وعقد اتفاقيات الدفاع العسكري المشترك مع عدة دول (منها الكاميرون، أفريقيا الوسطى، جيبوتي، كوت ديفوار، وغيرها)، واتفاقيات التعاون والمعونة الفنية مع عدة دول (منها بنين، بوركينافاسو، بوروندي، الكونغو، غينيا، السنغال، توجو، وغيرها). كما أنشأت فرنسا عام 1997م برنامجاً لدعم المؤسسات والتجمعات الإقليمية لمساعدتها على حفاظ الأمن في القارة(1).
ومن أمثلة الحالات التي شهدت تدخلاً عسكرياً فرنسياً في القارة التدخل الفرنسي في رواندا عقب مذابح 1994م لصالح حكومة الهوتو، ومساندة الرئيس التشادي إدريس ديبي بقوات خاصة ضد المظاهرات الشعبية التي اندلعت عام 1996م. كما نظمت فرنسا عام 1998م في إطار برنامج التعاون مع المنظمات الإقليمية في أفريقيا مناورات عسكرية بالسنغال بالتعاون مع الجماعة الاقتصادية لدول الغرب الأفريقي، وأخرى في الجابون بالتعاون مع الجماعة الاقتصادية لدول الوسط الأفريقي(2).

(1):حمدي عبد الرحمن حسن، القمة الأفرو أوربية الأولى .. صراع الأولويات.متحصل عليه:
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/qpolitic-mar-politic23.asp
(2): بدر حسن شافعي، في البحيرات العظمى.. فرنسا ترتدي ثوبا أمريكيا.مرجع سابق.

الفصل الثاني: التحول الديمقراطي في كينيا
المبحث الأول: كينيا الدولة
تقع كينيا شرق القارة الإفريقية تطل سواحلها الجنوبية الشرقية على المحيط الهندي، وتحدها تنزانيا من الجنوب، وأوغندا من الغرب، والصومال من الشرق، وتشترك في حدودها الشمالية مع إثيوبيا، ومن الشمال الغربي مع السودان، وتطل على جزء من بحيرة فيكتوريا من الجنوب الغربي(1).
المطلب الأول:نظام الحكم في كينيا
نظام الحكم في كينيا جمهوري، ويشغل رئيس الجمهورية كل من منصبي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويتم انتخابه بالاقتراع الشعبي لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات.
تتكون الهيئة التشريعية بكينيا من مجلس واحد هو الجمعية الوطنية وتتكون من 224 عضو، 210عضو يتم انتخابهم بانتخابات شعبية مباشرة ومدة خدمتهم خمس سنوات، و12 يتم تعينهم بواسطة رئيس الجمهورية، بعد أن يتم اختيارهم بواسطة الأحزاب السياسية وذلك بناء على إجمالي الأصوات التي يحصلون عليها في الانتخابات البرلمانية، واثنان بحكم المنصب(2).
السلطة القضائية تتمثل في محكمة الاستئناف والتي يتم تعيين قضاتها بواسطة رئيس الجمهورية وهي أعلى سلطة قضائية بكينيا إلى جانب المحكمة العليا.
(1): كينيا طبيعة إفريقية ساحرة.متحصل عليه: http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=105026&pg=71
(2):المرجع نفسه.
ويوجد بكينيا نظام الأحزاب السياسية نذكر منها الحزب الديمقراطي الكيني، منتدى استعادة الديمقراطية – أسيلي، منتدى استعادة الديمقراطية – كينيا، منتدى استعادة الديمقراطية – الشعب، الاتحاد الوطني الإفريقي الكيني وغيرهم(1).
المطلب الثاني: الانتماء الحضاري
تعرضت دولة كينيا للاحتلال البريطاني بداية من عام 1885م، كانت البداية بألمانيا التي قامت باحتلال المناطق المحاذية للساحل والتي استولت عليها من سلطان زنجبار والذي كان الساحل الشرقي لكينيا يخضع لسيطرته، وبعد عدد من السنوات قامت بريطانيا بإعلان كينيا مستعمرة من مستعمرات التاج البريطاني.
ذاق الشعب الكيني مرارة الاستعمار من الاحتلال البريطاني هذا الأمر الذي ولد شعور بالغضب عامة عند الشعب الكيني وأدى إلى تولد حركة تحريرية عرفت باسم حركة " الماوماو" في الخمسينات، ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور مثل هذه الحركة هو الشعور القاسي بالاضطهاد فبعد أن خدم الجنود الكينيين في صفوف الجيش البريطاني، وبعد رجوعهم وجدوا أن السلطات الاستعمارية قد استولت على بيوتهم وأراضيهم وأعطتها


(1):المرجع نفسه.
كمكافأة للجنود البريطانيين العائدين من الحرب، هذا بالإضافة للعديد من مظاهر القهر التي تعرض لها الشعب الكيني، من انتزاع أراضي المواطنين ومنحها للبيض وفرض الضرائب العالية، وتحديد بطاقة هوية وعبور تفرض على كل رجل بكينيا، بدأت حركة "الماو ماو" بشن عدد من الحروب والمعارك الصغيرة من اجل استعادة الأراضي وطرد المستوطنين البيض من أراضي القبائل الإفريقية، وترتب على هذا قيام قوات الاستعمار باعتقال أعداد كبيرة من أفراد الشعب الكيني، وتفشى الجوع والمرض بين الأطفال وغيرها من وسائل القهر(1).
تمكنت كينيا أخيراً من الحصول على استقلالها في الثاني عشر من أكتوبر عام 1963م، وجاء جومو كينياتا رئيساً للبلاد بعد الاستقلال وجاء أسم الدولة " كينيا " مستمداً من اسم هذا القائد، وفي عام 1964م أصبحت كينيا دولة جمهورية.















(1):المرجع نفسه.
لقد شهدت كينيا في السنوات الأخيرة موجة من التحول الديمقراطي بفعل مجموعة من العوامل:
المبحث الثاني:عوامل التحول الديمقراطي في كينيا
يمكن إرجاع التحول الديمقراطي في كينيا إلى مجموعتين من العوامل:
المطلب الأول: العوامل الداخلية
تتضمن في المقام الأول العوامل السياسية و الاقتصادية باعتبارها أهم العوامل الداخلية التي ساعدت على التحول الديمقراطي في كينيا.
1:العوامل السياسية:
شهدت كينيا على الصعيد السياسي مجموعة من الانقسامات الداخلية صاحبها تنامي المطالب الشعبية بإدخال الإصلاحات السياسية والمشاركة في الحكم ،ففي 1965 شهد حزب كانو .KANU الحاكم انقسام داخليا تمثل في ظهور جناح محافظ
CONSERNAT I VE WING تزعمه مجموعة توم مبويا TOM MBOYA (والذي كان يعمل أمينا عام للحزب) ،وظهرت مجموعة راديكاليةRADICAL GROUPS تزعمها أوجنجا اودنجاOGINGA ODINGA (والذي كان يعمل نائبا لرئيس الحزب ،وفي عام 1966 انشقت أودنجا عن حزب كانو،وقام بتشكيل إتحاد كينيا الشعبيKENYA PEOPLES UNION KPU) (، واتهم الحكومة بالعمل على خدمة مصالح و امتيازات طبقة محدودة من الشعب (1).
وفي عام 1996 تم اغتيال مبويا،وقامت الحكومة بحظر اتحاد كينيا الشعبي KPU واعتقال أودنجا مما أدى إلى تصاعد المعارضة ضد الحكومة ،واشتعال الصراعات الإثنية خاصة بين الكيكويو (التي تنتمي إليها الحكومة ورئيسها جومو كينيانا ) والليو (والتي ينتمي إليها اتحاد كينيا الشعبي وزعيمه أودنجا)(2).
ومنه ما يمكن استنتاجه من مسرح السياسة الكيني هو تزايد الانقلابات المعارضة وكذا التجاوزات القانونية.
2:العوامل الاقتصادية:
شهد الاقتصاد الكيني تدهورا واضحا خاصة في عهد الرئيس موى ، حيث انخفضت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية بشكل كبير،و انخفضت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي GDP لتصبح 26 ,2%خلال الفترة 1990 -1995 في حين كانت هذه



(1):اتفاقية تقاسم السلطة في كينيا نتيجة الانتخابات العامة.متحصل عليه:
http://www.al-waie.org/scripts/poetry.js">(2):بدر حسن شافعي،كينيا من الأزمة السياسية إلى الأزمة الاثنية.متحصل عليه:
http://ifriqiyah.com/africa.htm


النسبة.36,60من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفقرة 1963-1973 ،وتضاعف عدد السكان وساعد على تردي الأوضاع الاقتصادية في كينيا (1).
إن عملية توزيع الثروة والوظائف الحكومية أخذت أبعادا إثنية ، حيث قام الرئيس بتعيين أقاربه وأبناء جماعة الكيكويو (التي ينتمي إليها ) في الوظائف الحكومية دون مراعاة لمبدأ الكفاءة ، وعندما تولد موى الرئاسة اتبع نفس الإستراتيجية التي اتبعها سلفه كينياتا ،وأدت هذه الإستراتجية التي اتبعها كينياتا ومن بعده موى ساعدت على انتشار الفساد على نطاق واسع داخل الدولة . وأصبح الفساد هو الآلية الرئيسية لحماية النظام الحاكم(2).
وأدى تردي الأوضاع الاقتصادية إلى المطالبة بالتحول الديمقراطي والنظر إليه باعتباره المخرج الوحيد الذي يضمن علاج المشكلات الاقتصادية والقضاء على الفساد وتحقيق تنمية اقتصادية داخل الدولة.
المطلب الثاني:العوامل الخارجية
شهدت الأجندة السياسية والاقتصادية للدول المانحة DONORSعقب نهاية الحرب الباردة تغيرا واضحا، حيث أصبحت أكثر اهتماما بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
(1):غازي دحمان،كينيا نموذج للدولة الدور وليست نموذجا للاستقرار.متحصل عليه:
http://ifriqiyah.com/cnt/africa/africaArticle/int158.htm
(2):المرجع نفسه.
وتعتبر كينيا واحدة من الدول الإفريقية التي خضعت لضغط قوي من جانب المانحين من أجل الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان
وسنحاول فيما يلي إعطاء بعض الأمثلة للضغوطات الدولية التي تعرضت لها كينيا من اجل احترام حقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية(1) :
-في يناير 1987قامت قوات الأمن الكينية بأعمال وحشية ضد قوى المعارضة الداخلية مما أدى إلى زيارة احد أعضاء الكونجرس الأمريكي لكينيا والتقى برئيس الكنيسة الكينية ،وعقب هذه الزيارة أعلنت الإدارة الأمريكية وقف المساعدات المالية المخصصة لكينيا.
-في أكتوبر 1990 احتجت حكومة النرويج على قيام الحكومة الكينية بالقبض على احد أفراد المعارضة الكينية وحبسه بتهمة الخيانة العظمىTREASON CHARGE، وقامت النرويج بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع كينيا ووقف المساعدات المخصصة لكينيا
على الرغم من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عام 1992على أساس التعدد الحزبي ،إلا أن المانحين لم يتخذوا قرارا فوريا باستثناف تقديم المساعدات .وفي منتصف عام1993 قرر الاتحاد الأوروبي وبعض الدول المانحة استئناف تقديم المساعدات لكينيا، لكنها انخفضت بشكل كبير عام.
مع تحديد موعد الانتخابات العامة في نهاية عام1997 تصاعدت أعمال العنف الداخلي. ما أدى بصندوق النقد الدولي إلى توقيف تسهيلات التكيف الهيكلي إلى كينيا.


(1): راوية توفيق، القوى الكبرى والمشروطية السياسية في إفريقيا.متحصل عليه:
http://www.albayan-magazine.com/files/africa/index.htm
ومما لا شك فيه أن استخدام الدول المانحة لسلاح المساعدات في ضغطها على كينيا قد وضع حكومة موي في موقف حرج تطلب الخروج منه إدخال إصلاحات سياسية تمثل في مجملها جوهرا للتحول الديمقراطي(1).
مما سبق يمكن القول أن التحول الديمقراطي في كينيا كان بفعل الضغوط الداخلية والخارجية التي واجهتها الحكومة الكينية والتي اضطرت في نهاية الأمر إلى الرضوخ لمطالب المعارضة والمانحين الدوليين والبدء في تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
المبحث الثالث :مراحل واليات التحول الديمقراطي في كينيا
بدأت عملية التحول الديمقراطي في كينيا عام 1991، وما زالت مستمرة حتى الآن.
وسنحاول فيما يلي إعطاء لمحة سريعة للفترة الزمنية التي سبقت عملية التحول الديمقراطي،ثم تتناول بقدر من التفصيل مراحل واليات التحول الديمقراطي في كينيا مع

(1):بدر حسن شافعي.مرجع سابق.





الأخذ في الاعتبار أن المقصود بالآليات في هذا الإطار هي الأحزاب السياسية والانتخابات العامة التي شهدنها كينيا أثناء عملية التحول الديمقراطي.
قاد جومو كينياتا (وهو احد أفراد الكيكويو) النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني، وبعد وقفها أعاد الكيكويو تنظيم أنفسهم سياسيا على نطاق أوسع من نطاقهم القبلي وكونوا في عام 1944 اتحاد كينيا الإفريقي KAU) Kenya Africain Union)وسرعان ما قامت الحكومة البريطانية بإعلان الأحكام العرفية واعتقال رئيس الاتحاد ونائبه ،وأصدرت حكومة كينيا في 8 يونيه 1953 قرارا بحل اتحاد كينيا الإفريقي وادعت بأنه غطاء لحركة الماوماو(1).
في 27 مارس 1960 تشكل حزب كينيا الوطني الإفريقي كانو (KANU)
،Kenya Africain National Union،وبعد إجراء الانتخابات التنفيذية للحزب 14 مايو من نفس العام أصبح جيمس جيشورو James Gichuru رئيس للحزب ،وأودنجا نائب لرئيس الحزب ، وتوم مبويا أمينا عام للحزب ،لكن سرعان ما نشبب خلاف بينهما ما أدى بجيشورو للإعلان عن وقف أودنجا عن العمل كنائب لرئيس الحزب (2).




:عمرو محمد، الأزمة الكينية.. من المسئول كيباكي أم المعارضة ؟.متحصل عليه:
http://www.islamtoday.net/albasheer/naws.cfm
(2):المرجع نفسه.
في 28 أكتوبر 1961 تم إطلاق سراح كينياتا ، وتولى رئاسة حزب كانو فور الإفراج عنه.
لم يكن حزب كانو هو الحزب الوحيد في كينيا عام 1960،حيث كان هناك عدد من الأحزاب السياسية الأخرى تم تأسيسها على أساس اثني وقبلي وهي(1) :
-إتحاد الكالينجين السياسي .Kalenjin Political Alliance.
-حزب كينيا الشعبي الإفريقي Kenya Africain Peoples Party
وحل هذا الحزب محل كينيا الوطني Party kenya national
والذي تأسس في عام1959 .
- جبهةالماساي المتحدة Massai United Front
- إتحاد الساحل الشعبي الإفريقي Union Coast Africain Peoples
-الجمعية الوطنية الصومالية Somali National Association
وفي أغسطس 1960 أدركت هذه الأحزاب خطورة التفكك وقررت الأحزاب الخمسة الإتحاد معا وتكوين سياسي واحد وهو اتحاد كينيا الديمقراطي الإفريقي (KADU) Kenya African Democatic Union ،وتم انتخاب رونالد نجالد Ronald Ngala كرئيس للحزب(2).
(1): علاء الدين بشير، كينيا.. الأرض تتحرك تحت أقدام الحرس القديم؟ متحصل عليه: http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147513349
(2):المرجع نفسه.
في نوفمبر 1962 انشق بول نجيPaul Ngei عن حزب KANUوقام بتشكيل حزب الشعبي الإفريقي (APP ( .
وفي 31 مايو 1963 حصلت كينيا على الحكم الذاتي،وأصبح جومو كينياتا رئيسا.كما قررت الحكومة التخلي عن النظام البرلماني والأخذ بنظام الحكم الرئاسي ،وأصبحت كينيا جمهورية وأصبح جومو كينياتا أول رئيس لها(1).
دعا كينياتا قادة حزب KADN إلى إنهاء المعارضة والمشاركة في تشكيل حكومة وطنية ،وبالفعل تم الإعلان في نوفمبر 1964 عن تفكيك حزب KADN ،وتولى قادته السابقين حقائب وزارية في حكومة كينياتا(2).
وفي عامي 1969 و1974 أجريت انتخابات ،فاز فيها كينياتا بفترة رئاسية ثانية وثالثة على التوالي ،في أغسطس 1978 توفي كينياتا وتولى دانيال آراب موى (نائب الرئيـس آنذاك )منصب الرئاسة لفترة مؤقتة حتى تم انتخابه كرئيس للجمهورية في نوفمبر من نفس العام(3).
وفي عام 1982 أعلنت الجمعية الوطنية الأخذ بنظام الحزب الواحد ،أي أنه لم يعد مسموحا بإقامة أي أحزاب خلافا حزب كانو ،وحدثت بعض الاضطرابات الداخلية كرد فعل لقرار الجمعية الوطنية.
(1):دول حوض النيل.متحصل عليه:
http://www.sis.gov.eg/Ar/Pub/africanprespective/issue17/110201000000000003.htm
(2):المرجع نفسه.
(3): المرجع نفسه.
يمكن وصف الفترة الزمنية التي سبقت بدء عملية التحول الديمقراطي بأنها كانت أشبه بمرحلة الإعداد للتحول الديمقراطي في كينيا ،و أنها شهدت تناقضات حادة بين الدولة و المجتمع المدني ،و بين رغبة الشعب في المشاركة الديمقراطية و رغبة قيادة حزب كانو في إحكام قبضتها على السلطة و الحياة السياسية في كينيا .
و نحاول فيما يلي تناول المراحل التي مرت بها عملية التحول الديمقراطي في كينيا.
المطلب الأول:المرحلة الأولى للتحول الديمقراطي في كينيا(1991-2002)
بدأت هذه المرحلة في ديسمبر 1991 عندما أعلن الرئيس موى الأخذ بنظام التعدد الحزبي استجابة لضغوط عديدة من بينها قرار جماعة باريس الاستشارية للمانحين بوقف مساعداتها ،و اشترطت الدول المانحة تحقيق تقدم حقيقي على صعيد الإصلاح السياسي و الاقتصادي مع التركيز على قضايا المحاسبة و الشفافية و إجراء انتخابات تعددية MULTIPARTY ELECTIONS كشروط مسبقة للحصول على هذه المساعدات(1) .
و في عام 1992 تم تعديل الدستور، و أصبحت كينيا بمقتضى هذا التعديل تأخذ بنظام التعدد الحزبي، و أصبحت مدة رئاسة الجمهورية خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وأصبح يشترط أن يحصل الفائز بمنصب رئيس الجمهورية على 25 % على الأقل من أصوات الناخبين في خمسة أقاليم على الأقل من أقاليم كينيا الثمانية(2).
(1):عبد القادر عثمان، أزمة كينيا.. صناعة أمريكية.متحصل عليه: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout&cid=1201958035355
(2):المرجع نفسه.
و في ديسمبر 1992 أجريت في كينيا أول انتخابات عامة (رئاسية و برلمانية) على أساس التعدد الحزبي منذ عام 1963، و تنافس في الانتخابات الرئاسية ثمانية مرشحين و هم(1):
دانيال اراب موى مرشح حزب كانو ،و كينت ماتيبا مرشح حزب فورد الأصلي، و مواي كيباكي مرشح الحزب الديمقراطي ، اودنجا مرشح حزب فوردكينيا إلى جانب أربعة مرشحين آخرين و فاز موي في الانتخابات الرئاسية حيث حصل على 36.35 % من أصوات الناخبين، وفاز حزب كانو في الانتخابات البرلمانية بأغلبية مقاعد البرلمان . - يمكن القول أن فوز مواي في الانتخابات الرئاسية كان لعدة اعتبارات من أهمها(2):
1- انقسام المعارضة و عدم قدرتها على الإتحاد خلف مرشح واحد للرئاسة أو حتى التوصل لاتفاق يقلل التنافس فيما بينها
2- أصبح التعديل الدستوري الذي تطلب حصول المرشح لرئاسة الجمهورية على 25% على الأقل من أصوات الناخبين في خمس أقاليم من أقاليم كينيا الثمانية عقبه حقيقية أمام مرشحين أحزاب المعارضة لرئاسة الجمهورية.
شهدت الفترة منذ عام 1992 حتى عام 1997 مجموعة من الأحداث لعل أهمها: زيادة الصراعات الاثنية التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء.

(1): دول حوض النيل.مرجع سابق .
(2): كينيا المأزومة.. على مفترق طرق.متحصل عليه: http://www.aaramnews.com/website/29062NewsArticle.html

و في سبتمبر 1997 وافقت الجمعية الوطنية على الدستور لضمان إجراء انتخابات ديمقراطية حدة و نزيهة، و تضمن التعديل مجموعة من النقاط من بينها إلغاء الاعتقال السياسي دون محاكمة، و إعطاء المعارضة حق في تنظيم مسيرات سلمية، و تسهيل إجراءات تسجيل الأحزاب السياسية ليصل إلى 27 حزبا في عام 1997.(1)
و فاز حزب كانو بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات البرلمانية حيث حصل على 107 مقعدا، و حصل الحزب الديمقراطي DP على 39 مقعدا ، و بعد تعيين عدد من أعضاء البرلمان أصبح حزب كانو يتمتع بأغلبية 113 مقعدا لأحزاب المعارضة.
بعد الانتخابات طالبت المعارضة و منظمات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية بمراجعة الدستور، و ظهرت بعض التنظيمات المطالبة بتغيير الدستور مثل تحالف المواطنين لتغيير الدستور Change Citizens Coalition For Constitution و في ديسمبر أصدرت الجمعية الوطنية قرارا بتعيين لجنة مختارة برلمانيا سميت لجنة مراجعة الدستور.

(1):جمهورية كينيا.متحصل عليه: http://www.muqatel.com/openshare/Behoth/Dwal-Modn1/KENYA/Sec01.doc_cvt.htm




و يمكن القول أن المرحلة الأولى من مراحل التحول الديمقراطي في كينيا كانت مرحلة تحول بدون تحويل للسلطة لأنها ظلت في يد حزب كانو الذي حكم كينيا منذ الاستقلال حتى عام 2002، وكان التحول الحقيقي في المرحلة الثانية من مراحل التحول الديمقراطي في كينيا.
المطلب الثاني:المرحلة الثانية للتحول الديمقراطي في كينيا (2002 – حتى الآن)
مع بدا عام 2002 طالبت قوى المجتمع المدني و الجماعات الدينية بتوحيد قوى المعارضة و في يناير قام قادة الحزب الديمقراطي DP و حزب فورد كينيا و الحزب الوطني الكيني(NPK) National Party of Kenya بتشكيل الاتحاد الوطني من اجل التغيير (NAC)، و عقب تشكيله قام الاتحاد بتعيين لجنة لدراسة كيفية توحيد قوى المعارضة و تقدم التوصيات في هذا الشأن(1).
و في يونيه انضمت بعض أحزاب المعارضة إلى الاتحاد(NAC) و تم تغيير اسمه ليصبح اتحاد كينيا الوطني (NAK).
وفي 27 ديسمبر 2002 أجريت الانتخابات العامة الرئاسية و البرلمانية في كينيا ، و فاز مواي كيباكي مرشح تحالف الرينبو الوطني(NARC)في الانتخابات الرئاسية و حصل على 62.2% من إجمالي أصوات الناخبين(2).


(1): الرئيس الكيني مواي كيباكي.. بين «البراعة» و«الاهتزاز» في مواجهة الأزمات .
http://www.al-majalla.com/PrintNews.asp?DB=MainNews&NewsID=1640
(2): هربال برار،(تر:ميشيل منير) .كينيا أزمة الاستعمار الجديد.متحصل عليه:
http://www.albaath.news.sy/
و قد تم وصف العملية الانتخابية بأنها أكثر نزاهة و عدالة من الانتخابات التي أجريت في عام 1992.(1)
و عام 1997، و اعتبرها البعض أهم انتخابات أجريت في القارة الإفريقية، و أنها الحدث الأكثر أهمية في تاريخ كينيا منذ حصولها على الاستقلال.
في 30 ديسمبر أدى الرئيس كيباكي اليمين الدستورية و تسلم منصبه كرئيس للجمهورية ،و قام بتشكيل حكومة وطنية.
و بعد بدء الحكومة الجديدة في ممارسة مهامها بفترة قليلة ظهر خلاف بين أربعة اتجاهات داخل تحالف الرينبو الحاكم NARC)) حول أولويات العمل و كانت هذه الاتجاهات هي(1):
-الاتجاه الأول: يمثل الحرس القديم Old Guard و هم مجموعة من السياسيين القدماء كانوا يشغلون مناصب عليا في عهد الرئيس السابق جوموكينياتا ،ويرى هؤلاء أن فترة حكم كينياتا كانت العصر الذهبي لكينيا ،و يعتبرون التحدي الأساسي الذي تواجهه الحكومة الحالية هو تنشيط دور الدولة في الاقتصاد و استعادة كفاءة الحكومة في هذا الإطار.




(1): القرن الإفريقي التداعيات الدولية والتفاعلات الإقليمية والتطورات الداخلية.متحصل عليه:
http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/R2RB28.HTM
(2):المرجع نفسه.
-الاتجاه الثاني: يمثل وزير العدل و الشؤون الدستورية السيد كروتو ميورونجي Kiruatu Marungi و بعض أنصاره ، و يطالب هذا الاتجاه الحكومة بإعطاء الأولوية لقضية محاربة الفساد و إصلاح النظام القضائي.
-الاتجاه الثالث:يمثل Raila Odinga و أنصاره من الحزب الديمقراطي الليبرالي LDP،و يطالب هذا الاتجاه بإعطاء الأولوية لقضية تعديل الدستور و إنشاء منصب رئيس وزراء يتولاه اودنجا.
-الاتجاه الرابع : يمثل مجموعة من القادة السياسيين من بينهم مودي اووري Moddy Awori نائب الرئيس و يطالب أنصار هذا الاتجاه بتقوية تحالف الرينبو الحاكم و تحقيق التعاون و التنسيق بين الأحزاب التي تتمتع بعضوية التحالف .
و عمل الرئيس كيباكي على التوفيق بين الاتجاهات الأربعة سالفة الذكر ووعد بالعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية و محاربة الفساد و تعديل الدستور .
و يمكن القول أن المرحلة الثانية من مراحل التحول الديمقراطي في كينيا قد شهدت على عكس المرحلة الأولى تحولا ديمقراطي فعليا و تحويلا للسلطة ،إلا انه مازال هناك عدد من التحديات التي تواجه مسيرة التحول الديمقراطي في كينيا.
المطلب الثالث:تقييم تجربة التحول الديمقراطي في كينيا
على الرغم من بدا عملية التحول الديمقراطي في كينيا في أواخر عام 1991، إلا أنها ظلت حوالي احد عشر عاما دون أن تشهد تحولا ديمقراطي حقيقيا.
و رغم إجراء انتخابات عامة على أساس التعدد الحزبي في عامي 1992 و 1997، إلا أنها لم تكن انتخابات حرة و لا نزيهة و صاحبها أعمال عنف واسعة النطاق.
و اخذ التصويت في هذه الانتخابات طابعا اثنيا، و استطاع الرئيس موى تفريق المعارضة عملا بسياسة " فرق تسد" و ظل في السلطة حتى عام 2002 و يمكن القول أن ما حدث خلال الفترة 1991-2002 كان مجرد تحولا شكلي لإرضاء الأطراف الخارجة خاصة الدوليين حيث يقوموا باستئناف تقديم المساعدات الدولية إلى كينيا (1).
و مع بدء عام 2002 استطاعت المعارضة تكوين تحالف الرينبو الوطني NARC)) و الذي خاض الانتخابات ضد حزب كانوKANU و حقق انتصارا ساحقا في الانتخابات الرئاسية البرلمانية .
و سنحاول إعطاء نبذة سريعة لأهم التحديات التي تواجه النظام الحاكم في كينيا و التي يجب التغلب عليها(2):
1-الحفاظ على تحالف الرينبو الوطني الحاكم NARC)) :
يعتبر الحفاظ على تحالف الرينبو الوطني من أهم التحديات التي تواجه الرئيس كيباكي خاصة بعد ظهور بعض الانقسامات الداخلية عقب إعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة .


(1): محمد الحلو، كينيا أمام مرارة سنوات طويلة من الاستبداد والنهب.متحصل عليه:
http://www.amin.org/look/amin/cartoon.php
(2):المرجع نفسه.
وفي ضوء تمسك Raila Odinga و الحزب الديمقراطي الليبرالي LDP بالتمثيل المتساوي مع اتحاد كينيا الوطني داخل مجلس الوزراء و إنشاء منصب رئيس الوزراء ورفض تحالف الرينبو الوطني في خطر ،لأنه ربما يقوم الحزب الديمقراطي الليبرالي أو بعض أعضاءه بالانشقاق عن تحالف الرينبو الوطني و الانضمام لحزب كانو.
2 -تحسين الأوضاع الاقتصادية:
وعد الرئيس كيباكي أثناء حملته الانتخابية باستعادة النمو الاقتصادي و توفير 50 ألف فرصة عمل جديدة في العام ،ولكن بعد توليه الرئاسة استمر الاقتصاد الكيني في الانخفاض .
و في عام 2004 قدر صندوق النقد الدولي IMF و البنك الدولي WB عجز الموازنة العامة في كينيا بمقدار 800 مليون دولار ،و حث الصندوق و البنك الدولي الحكومة الكينية على تخفيض هذا العجز بمقدار 25% و قدم المانحون برنامجا للإصلاح تضمن تخفيض النفقات الحكومية و خصخصة بعض المشروعات التي تملكها الحكومة .
3- مكافحة الفساد:
تعاني كينيا منذ فترة طويلة من انتشار الفساد داخل المؤسسات و الهيئات الحكومية، وتعتبر كينيا منذ عام 1997 واحدة من الدول العشر الأكثر فسادا، و هناك أسباب كثيرة لانتشار الفساد من بينها ضعف الرقابة المؤسسية خاصة من قبل البرلمان(1).


(1):السياسيون يضغطون على كيباكي لمحاربة الفساد بحسم.متحصل عليه:
http://www.panapress.com/newsara.asp?code=ara1033&dte=15/02/2005
و عملت حكومة NARLعلى تقليل الفساد داخل الدولة و لذلك أصدرت قانون مكافحة الفساد و الجرائم الاقتصادية، و قررت تطهير القضاء من الفساد.
و مازالت قضية مكافحة الفساد واحدة من القضايا الهامة على جدول أعمال الحكومة.
4-تعديل الدستور:
تعتبر قضية تعديل الدستور من القضايا المطروحة على الساحة الكينية من فترة طويلة ،و شهدت في الآونة الأخيرة اهتماما متزايدا .و قدمت اللجنة المكلفة بالتعديل مخططا أوليا تضمن التعديلات المقترحة للدستور الكيني و من أهمها تفويض السلطات إلى حكومات الأقاليم و تقليل سلطات رئيس الجمهورية(1).
5-محاربة الإرهاب:
تعاني كينيا منذ بداية التسعينات من ارتفاع معدل الجريمة خاصة في المناطق الحضرية ووقعت بعض الأعمال الإرهابية أكبرها تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي في 07 أغسطس 1998، وأعلنت الحكومة في ابريل من نفس العام الحرب على الإرهاب.




(1): عبد الله عبد القادر، كينيا.. قراءة فيما وراء الأحداث.متحصل عليه:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/81602A3B-D593-46C1-9DC4-3D8401AA4E2E.htm

(2): عبدالملك عودة، دستور جديد في كينيا.متحصل عليه:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/NewsPapers/2005/9/92042.htm?sectionarchive=NewsPapers
الخـاتمـة
يتضح مما سبق انه مع منتصف التسعينيات ساد التنافس على القارة الأفريقية بين الأقطاب المتعددة للنظام الاقتصادي الدولي نتيجة تزايد فرص استغلال القارة استثمارياً وتجارياً. ورغم احتدام التنافس بين الولايات المتحدة والقوى الأوروبية (خاصة فرنسا) على الساحة الأفريقية كما اتضح من خلال سياستهما وردود أفعالهما تجاه أحداث القارة، فإن هناك من المحللين السياسيين من يتحفظ على هذا التنافس بعدة اعتبارات منها أن القوى الأوروبية والولايات المتحدة وحلفائها، لن يتصارع بعضهم مع بعض بشأن طموحات كل منهما على الساحة الأفريقية، كما يشير البعض إلى إحياء النمط القديم في السياسة الأمريكية الذي يؤكد على أن تكون للولايات المتحدة سياستها الخاصة في أفريقيا، ولكن في إطار التنسيق والتعاون مع القوى الأوروبية ذات الميراث الاستعماري والخبرة الطويلة.
ولكن التنافس الدولي لا يقتصر على القوى الأوروبية والأمريكية فقط؛ فهناك قوى جديدة صاعدة في أفريقيا من أهمها اليابان والصين. وقد تطورت سياسات تلك الدول تماشياً مع الأوضاع الجديدة بعد انتهاء الحرب الباردة. فاليابان انحصر دورها في البداية على تقديم المساعدات إلا أنها مع أواخر الثمانينيات أعلنت سياسة جديدة تقوم على محاور ثلاثة: المساعدات، والتبادل الثقافي، وحفظ السلام. وعملت اليابان على دعم التنمية في القارة الأفريقية وإثارة انتباه المجتمع الدولي تجاه أفريقيا بعد الاتجاه إلى تهميشها؛ وذلك بدعوتها لعقد مؤتمر طوكيو الدولي الأول لتنمية أفريقيا - المعروف باسم تيكاد ـ عام 1993م ثم عقد المؤتمر الثاني عام 1998م. وبصفة عامة تركز اليابان في علاقتها مع أفريقيا على الجانب الاقتصادي مستخدمة في ذلك عدة أدوات أهمها المساعدات والاستثمارات والعلاقات التجارية. وتعد اليابان الدولة الأولى المانحة للمساعدات في أفريقيا منذ بداية التسعينيات.
ويعد هذا التنافس الذي تعددت أقطابه دليلاً على عودة الاهتمام بالقارة الأفريقية؛ وهو ما تجسد في الفترة الأخيرة في دعم الدول الصناعية الكبرى لمشروع الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (المعروف باسم نيباد) ولكن لا يزال السؤال مطروحاً: هل مشروع التنمية الجديد يعبر بالفعل عن شراكة جديدة، أم انه مجرد مؤشر جديد على التنافس الدولي في أفريقيا، ومحاولة لفرض النموذج الغربي للتنمية على الدول الأفريقية؟
أما كينيا فقد بدأت مسيرة التحول الديمقراطي منذ 1991 ،ولكنه ظل حتى عام 2002 تحولا شكليا لا يتعدى الأخذ بنظام التعدد الحزبي بدلا من نظام الحزب الواحد وهذه التجربة لا زالت في طورها الأول حيث عملية التحول الديمقراطي لا بد أن تتبعها تنمية اقتصادية.