السبت، 27 سبتمبر 2008

الجريمة المنظمة عبر الساحل الافريقي


المقدمة:

لقد شهد النظام الدولي ما بعد الحرب الباردة تغيرات عميقة مست العديد من جوانبه لا سميا الفواعل ، الهيكل، والقيم السائدة فيه بما فيه التغيرات التي طرأت على مفهوم الأمن التقليدي و انتقاله من مستوى الحفاظ على البقاء الفيزيائي للدولة إلى مستوى مفهوم الأمن الشامل و المتعدد global security بكل لبعاده السياسية ، والاقتصادية، الاجتماعية و الثقافية ، كل ذلك كان نتيجة تغير في طبيعة التهديدات الأمنية لفترة ما بعد الحرب الباردة بفعل ظهور فواعل جديدة أثرت في المفهوم التقليدي للأمن، وتعتبر الجريمة المنظمة كأحد هاته الفواعل الجديدة العابرة للحدود ، والتي استفادت من المزايا التي منحتها لها العولمة خاصة تلك المتعلقة بالثروة التكنولوجية و الرقمية.
فأصبحت هذه الظاهرة تبحث عن المناطق التي تؤمن لها الحماية و الفعالية اللازمة لنشاطها خاصة في تلك المناطق التي تكون فيها الدولة عاجزة عن قيام بوظائفها الأساسية بما فيها توفير الأمن و الاستقرار الداخلي لمواطنيها ، كمنطقة الساحل الإفريقي التي شهدت في السنوات الأخيرةمعتبرا لظاهرة الجريمة المنظمة بكل أنواعها: تبيض الأموال ، تهريب المخدرات، الأسلحة والتي جعلت المنطقة مصدرا لتهديدات أمنية إقليمية و دولية خطيرة، ومن هنا جاءت أهمية دراسة هاته الظاهرة في هذا البحث المتواضع لما لها من أبعاد خطيرة على مستقبل الأمن و السلام الدوليين، و هدا لهدف الوصول إلى إيجاد آليات معينة تساعد على احتواء هاته الظاهرة بمنطقة الساحل الإفريقي.
و من كل ما تقدم سوف نحاول في هذا البحث معالجة الإشكالية التالية:
كيف يمكن أن يؤدي عجز الدولة عن تحقيق شروط الأمن بكل أبعاده إضافة إلى الاستقرار الداخلي في استفحال و انتشار ظاهرة الجريمة المنظمة كظاهر مرضية تعاني منها منطقة الساحل الإفريقي؟
و تتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسية تساؤلات فرعية أخرى تساعدنا على فهم هذه الإشكالية و هذا حسب عدد المحاور.
كيف أثرت الجريمة المنظمة على مفهوم الأمن؟
ما هو مفهوم الجريمة المنظمة و كيف يمكن تمييزها عن الجرائم الأخرى كالإرهاب مثلا؟
ما هي المحركات السببية المؤدية لظاهرة الجريمة لمنطقة الساحل الإفريقي؟ و هل استطاعت الآليات الدولية و الاقليمة من معالجة هذه المحركات السببية المؤدية لها؟
و قد دعمنا الإشكالية أيضا بفرضية مركزية نحاول من خلال التحليل اثباث صحتها أو نفيها:
كلما كانت الدولة غير قادرة على تحقيق الديمقراطية و الشروط السلمية كلما أدى هذا إلى إمكانية انتشار نشاطات الجريمة المنظمة داخل حدودها.
و إضافة إلى هذه الفرضية المركزية هنالك ثلاث فرضيات ثانوية بحسب عدد المحاور نحاول الإجابة عن التساؤلات الفرعية المتعلقة بالمحاور وهي :
1) كلما كان هنالك تغيير في مصادر التهديد و الخطر كلما أدى إلى بروز اطر نظرية ملائمة لتحليلها.
2)الجريمة المنظمة ظاهرة معقدة و مركبة.
3) كلما كانت آليات مكافحة الجريمة المنظمة لمنطقة الساحل الإفريقي تركز على دفع التنمية و تفعيل المشاركة السياسية ، كلما كانت هذه آليات فعالة في مواجهة الجريمة المنظمة.
- ومن اجل معالجة هذه الإشكالية و التساؤلات و الفرضيات اعتمدنا على منهج التحليل الوثائقي للظواهر الذي يعتمد على حصر التعارف حول الظاهرة ، وجمع المعلومات حولها، و ماهية العناصر المحددة لشكل و محتوى الظاهرة و كيفية التعامل معها.
- و قد جاء البناء الهيكلي للبحث في خطة من ثلاث محاور ، حيث كان المحور الأول يتناول الإطار النظري للدراسة، أما المحور الثاني فحاولنا فيه تحديد مفهوم الجريمة المنظمة بصفة مدققة و شاملة (الأنواع – الأسباب – الخصائص).
اما المحور الثالث فحاولنا فيه دراسة الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل الإفريقي مركزين على الخصوص على الحركات السببية التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة بهذه المنطقة بعينها إضافة إلى التعرض إلى مختلف الآليات الدولية و الإقليمية التي أخذت بعين الاعتبار من اجل مواجهة هاته الظاهرة بمنطقة الساحل الإفريقي.
خطة البحث:

: الإطار النظري للجريمة المنظمة. I
1 - مقاربة الأمن النقدي.
2-مقاربة الأمن الإنساني.
3-مقاربة الدولة الفاشلة.
:IIالإطار المفاهيمي للجريمة المنظمة.

1- مفهوم الجريمة المنظمة.
2- العلاقة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
3- التاريخ و النشأة.
4- خصائص الجريمة المنظمة.
5- - مظاهر الجريمة المنظمة.
III :دراسة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في منطقة الساحل الافريقي.

1 تعريف دول الساحل.
2 : سمات المنطقة أي طبيعتها.
3 :الحركيات السببية المؤدية للظاهرة.
4:آليات مكافحة الجريمة المنظمة .
الخاتمة.
الملاحق.
قائمة المراجع.
الإطار النظري للجريمة المنظمة:
- إذا كان التغير الذي شهدته العلاقات الدولية لما بعد الحرب الباردة قد أدى إلى تحول واسع النطاق على مستوى الممارسة في إستراتيجيات الأمنية، بحيث تم التحول من الطبيعة الجيوعسكرية إلى طبيعة جيو إقتصادية ، فإن هذا التحول تبعه أيضا تحول على مستوى الفكر أي على مستوى الأطر النظرية لدراسات الأمنية، و هذا حتى تتلاءم و تستوعب طبيعة التهديدات الجديدة مثل : الإرهاب الدولي، الهجرة ، الفقر ـ، التلوث ، و الجريمة المنظمة التي نحن بصدد دراستها، لذلك سوف نحاول في هذا الجزء التعرض إلى أهم المقاربات الأمنية الجديدة و التي حاولت تفسير ظاهرة الجريمة المنظمة، و هي " المقاربة النقدية للأمن، مقاربة الأمن الإنساني .
و قد ارتأينا أن نضيف مقاربة الدولة القابلة : FOULED STATE رغم أنها لا تندمج ضمن المقاربات الأمنية، إلا أنا لاحظنا أن البنية الداخلية لهاته الدول هي التي تسمح لهاته الظواهر العابر للحدود لاختراقها و تهديد أمنها و أمن مواطنيها ثم تتنقل لتهديد الإقليمي والدولي.
مقاربة الأمن النقدي Opproeach of security : جاءت هاته المقاربة لخديجة لإسهامات مدرسة " فرانكفورت" من مكتبها ويفر ديلون للدراسات الأمنية التي اقترحت قراءة للأمن على أساس قطاعات مختلفة و تصورا موسعا لأبعاد أخرى غير عسكرية في تطوير مفهوم الأمن الاجتماعي الذي يشكل قطيعة مع الدراسات التقليدية ، إذ اقترحت هذه المدرسة " مدلولا" أو " مرجعية" جديدة للأمن.
حيث بري " ويفر" حملة من ظواهر العولمة، الظواهر العابرة للحدود ( كالجريمة المنظمة) البناء الأوربي و ظهور عرقيات قومية ، تدفقات الهجرة...) لذلك فإن المجتمع مهدد أكثر من الدولة، التي ترى وظائفها تتغير دون مراجعة لسيادتها، بينما ترى المجتمعات هويتها مهددة من طرف هذه الظواهر المتقاطعة، و بالتالي لأن الخوف المرتبط بانعدام الأمن بالسلوكيات غير المدنية، بالهجرة ، بضياع القيم الثقافية و أنماط المعيشة هو الذي يشغل الأفراد أكثر( )
و قد رفضت الدراسات النقدية للأسس ربط الأمن بالحرب و دعت بدلا من ذلك إلى الارتكاز على مفهوم أكثر إيجابية، و قد تدعمها Johan Goltung بدعوته إلى السلام الإيجابي positive peace و Kenneth Boulding بمفهومه الخاص بالسلام المستقر stable peace ، فالأمن الحقيقي حسب هؤلاء يجب ألا يقتصر على غياب الحرب ( العنف المباشر بل يجب أن يتضمن إضافة إلى ذلك تقليص حدة العنف الغير مباشر( ).
و في هذا الصدد يرى " كين لوث" مدرسة فرانكفورت أن مفهوم الأمن أصبح مرادفا
" للإنعتاق" و هذا التصور المحوري حسب كين بوت " تحرير الشعوب من القيود التي تعيق مسعاها للمضي قدما في اتجاه تجسيد خياراتها ، ومن بين هذه القيود: الحرب ، الفقر ، الاضطهاد و نقص التعليم و غيرها كثير) و النتيجة فإن الأمن النقدي يمكنه أن يتعامل مع أي من التهديدات التي لم تؤخذ بعين الاعتبار ، مثل الكوارث الطبيعية و الفقر ، الحركة المنظمة، الإرهاب ، الهجرة السرية إلخ ( ).


- مقاربـــة الأمن الإنساني:
يركز مفهوم الأمن الإنساني على الإنسان الفرد و ليس الدولة كوحدة التحليل الأساسية، فأي سياسة أمنية يجب أن يكون الهدف الأساسي منها هو تحقيق أمن الفرد بجانب أمن الدولة، التي قد تكون مصادر تهديد أمن مواطنيها، و من تم يجب عدم الفصل بينهما.
- و لقد جاء هذا التحول في مفهوم الأمن بفعل التحول في طبيعة مصادر تهديد للدولة الفرنسية إذ لم يصح التهديد العسكري الخارجي هو مصدر التهديد الوحيد لأمن الدولة
( تصور واقعي) فالدولة أصبحت الآن تواجه بأنماط عدة من مصادر التهديد ، و التي ليست بالضرورة مصادر عسكرية و منها، تجارة المخدرات عبر الحدود، الجريمة المنظمة، انتشار الإرهاب الدولي ، و انتشار الأمراض و الأوبئة كالإيدز، و انتشار الفقر ، التلوث البيئي..الخ، و عجز المنظور التقليدي للأمن عن التعامل مع تلك القضايا، إذ أن التهديد في معظم الأحيان غير مرئي أو واضح.
وعلى الرغم من أن مكونات الأمن الإنساني و مصادر تهديده موجودة تاريخيا، فإن بروز المفهوم مؤخرا ارتبط بعملية العولمة و ذلك نظرا لما تقوم عليه عملية العولمة من فتح الحدود بين الدول ، ففي تقرير صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1999 ، بعنوان " عولمة ذات وجه إنساني" globalization with a human face ، أكد التقرير على أنه على الرغم مما تقدمه العولمة من فرص هائلة للتقدم البشري في كافة المجالات نظرا لسرعة انتقال المعرفة و انتقال التكنولوجيا الحديثة و حربة الانتقال السلع و الخدمات ، فإنها في المقابل تفرض مخاطر هائلة على الأمن الإنساني في ق 21 وهذه المخاطر ستصب الأفراد في الدول الغنية و الفقيرة على حد سواء، و قد حدد التقرير سبع تحديات أساسية تهدد الأمن الإنساني في عصر العولمة تتمثل في:
أ‌- عدم الاستقرار المالي: و المثال البارز على ذلك الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا منتصف عام 1997.
ب‌- غياب الأمن الوظيفي و عدم استقرار الدخل: عدم وجود عقود أو ضمانات تطبيقية و هو ما يترتب عليه غياب الاستقرار الوظيفي.
ج- غياب الأمان الصحي: سهولة الانتقال وحركة أدى انتشار الأمراض كالايدز 1997-33 مليون مصاب في العلام
د- غياب الأمان الثقافي: انتقال الأفكار والمعلومات يتم بطريقة غير مكافئة من الشمال والجنوب
ه- غياب الأمان الشخصي: ويتمثل انتشار الجريمة المنضمة والتي أصحت تستخدم احدث التكنولوجية الحديثة.
وغياب الأمان البيئي ونبع هذا الخطر من الاختراعات الحديثة و له من أثار خطيرة على البيئة
ز- غيا الأمان السياسي والمجتمع: حيث أضفت العولمة طابعا جديدا على النزعات تمثلت في سهولة انتقال الأسلحة عبر الحدود.
إضافة إلى ذلك فان الأمن الإنساني بالأساس يرتكز على صون الكرامة البشرية وكرامة الإنسان وكذلك تلبية احتياجات المعنوية بجانب احتياجاته المادية واقتراب الرئيسي هنا هو أن الآمن يمكن تحقيقه من خلال إتباع سياسات تنموية رشيدة وان التهديد العسكري ليس النظر الوحيد ، لكن يمكن أن يأخذ التهديد شكل الحرمان الاقتصادي، وانتقاص المساواة المقبولة في الحياة وعدم وجود ضمانات كافية لحقوق الإنسان لتحقيق الأمن الإنساني يتطلب تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وصون حقوق الإنسان وحرياته ، والحكم الراشد والمساواة الاجتماعية وسيادة القانون.
3- مقاربة الدولة الفاشلة : failed state
يعتبر نظرية الدولة الفاشلة أحد المقارنات النظرية التي ظهرت ما بعد الحرب الباردة لان التغيرات التي طرأت على النظام الدولي أدت إلى تفكك العديد من الدول وهنا بدأ الحديث عن مستقبل الدولة القومية أو الوستفالية
العديد من الدارسين يرون بأن هاته النظرية جاءت لتؤكد فقط على دور الدول الكبرى واستقرار النظام الدولي ذلك لان النزعات التي شهدها النظام الدولي لما بعد الحرب البادرة كانت أسبابها الدول الضعيفة والعاجزة لان جل النزعات كما بعد الحرب الباردة كانت قد حدثت داخل هاته الدول وثم الانتقال من نزاعات ما بين الدول إلى نزاعات داخل الدول inter étatique - intra étatique
وقد أشار Kalevre Holsti في مؤلفه the state war and the state of war إلى مصطلح الدولة الفاشية حيث قام بتوسيع أعمال التي أتى بها barrgbuzan حول الشغال الجديدة للأمن وكيفية تأثير الدول القائلة على استقرار العالم بعد الحرب الباردة
بحيث الدول القائلة تقع في دائرة مغلقة بحيث ليس لها القدرة على خلق الشرعية وتوفير الأمن والخدمات لموطنيها ومن أجل الحصول على هته القوة والقدرة فهي تتبع بيانات تعسفية وقهرية نحو أفراد المجتمع فهي بذلك أرادت أن تؤكد قوتها ولكن ما حصل أنها زادت من عجزها وضعفها.
ويرى روبرت روبنزغ" مدير " برنامج الصراع من الدول " أن الدولة القومية فشلت لأنها لم تعد قادرة على توصل سلع سياسة ايجابية لشعوب ها والسلع السياسية هي الأمن و التعليم و الصحة وال فرص الاقتصادية والرقابة البيئة وإطار قانوني للنظام العام ونظام قضائي لإرادتها ومتطلبات البيئة الأساسية الضرورية من طرق أو اتصالات 1
والدولة الفاشلة متوترة وتشهد صراعا شديدا، وتخوض الفصائل المتحاربة بها حروبا خطيرة مثل دول الساحل حيث نشهد صراعات عنيفة تدل على عدم تحكم الدول في الأمن قبل التشاد والسودان
-Jean jacque, roche-thevues des relations internationales paris Montchrestion5eme édition, 2004p,109
وهناك مؤشرات تستطيع أن نقيس بها على عجز الدول وهي

المؤشرات الاجتماعية:

ضغط ديمقراطي كبير- تدفقات كبيرة للاجئين – تميز واضح لجماعات معينة على حساب جماعات أخرى- هجرة كبيرة نحو الخارج
مؤشرا اقتصادية: تنمية اقتصادية محدودة خاصة في المناطق المعزولة – ضعف وانهيار اقتصادي
معاصر سياسية:
- عدم شرعية السلطة - تأخر الخدمات العامة – دولة منتهكة للحقوق إنسان تشكل صارخ
- دولة بوليسية –احتقار الأقليات – تميز لتدخل أجنبي سواء من طرف دول ما أو فواعل سياسة أخرى )1)
- وبصفة عامة إذا حاولنا تطبيق هاته المعاير على دول الساحل الإفريقي نجدها تقريا متطابقة وسيتم الإشارة إلى هاته المحددات من خلال الحركيات السببية لظاهرة الحركة المنظمة في المحور الثالث
وبتالي يمكن أن نستنتج كيف أن البيئة الداخلية لهاته الدول وعجزتها عن تطبيق القانون وعدم شرعية أنظمتها التي تعاني عجز ديمقراطي كل هاته العوامل أدت إلى حدوث انكشاف أمني هاته الظواهر المرضية كالجريمة المنظمة
ibid.p110. 1
II الإطار المفاهيمي للجريمة المنظمة:
1- مفهوم الجريمة المنظمة:
تتفق جميع التعاريف التي قامت الدول بوضعها من خلال جهاتها الأمنية أو من خلال المؤتمرات و الندوات الأمنية و أغلب التعاريف التي وضعها الباحثون المختصون في علم التعريف الجريمة و إن اختلفت الصيغ اللغوية لها. حيث تشترك جميع التعاريف بأنها نشاط إجرامي لتنظيم يعتمد على التخطيط أساس العمل الجماعي يقوم به عدد من الأفراد المؤهلين ذوي الخبرة العالية لتحقيق الكسب المالي السريع من خلال استخدام و الوسائل و التقنيات المتطورة و غير المحظورة.
- يعرفها الانتربول على أنها :"أي جماعة من الأشخاص تقوم بحكم تشكيلها بارتكاب أفعال غير مشروعة بصفة مستمرة و تهدف أساسا لتحقيق الربح دون تقيد بالحدود الوطنية"(1).
- تعريف مجموعة مكافحة المخدرات و الجريمة المنظمة للإتحاد الأوروبي:"جماعة مشكلة من أكثر من شخصين تمارس مشروعا إجراميا ينطوي على ارتكاب جرائم جسيمة لمدة طويلة أو غير محددة و يكون لكل عضو مهمة محددة في إطار التنظيم الإجرامي الذي يهدف إلى السطو و تحقيق الأرباح"(2).
- تعريف الولايات المتحدة الأمريكية: انطلاقا من كون الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية يأخذ شكلا فدراليا فإن كل ولاية حاولت وضع تعريف محدد للجريمة المنظمة في تشريعاتها و لعل أهم تعريف هو الذي جاء به تشريع ولاية ميسيسيبي حيث اعتبرتها "الجريمة التي ترتكب من شخصين أو أكثر لمدة طويلة و تكون لغرض تحقيق مصلحة"(3).
- تعريف التشريع السويسري: عرفها في قانون العقوبات في المادة 260 بأنها "أي شخص يشارك في منظمة و يحتفظ على انضمامه لها و على أسرارها و يمارس أنشطة تتسم بالعنف كهدف في حدّ ذاته أو يحصل على أرباحه بوسائل إجرامية يعاقب بالحبس الانفرادي أو الاعتقال لمدة تصل إلى خمس سنوات على الأكثر و يخضع للعقاب كل شخص يرتكب أي عمل إجرامي بالخارج في حالة قيام المنظمة بتنفيذ أنشطتها كليا أو جزئيا في سويسرا"(4).
(1): يونس زكور، الإرهاب و الإجرام المنظم، أية علاقة. متحصل عليه: http://www.ahewar.org .
(2): الرجع نفسه، ص 01.
(3): الرجع نفسه، ص 02.
(4): الرجع نفسه، ص 02
- تعريف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية: أنها "يقصد بتعبير جماعة إجرامية منظمة، جماعة ذات هيكل تنظيمي مؤلف من ثلاثة أشخاص أو أكثر موجودة لفترة من الزمن و تعمل بصورة متضافرة بهدف ارتكاب واحد أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة من أجل الحصول بشكل مباشر على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى"(1).
و منه يمكن تعريف الجريمة المنظمة على أنها كل فعل غير شرعي يرتكبه الفرد يؤدي بالمساس بالإنسان في نفسه أو ماله أو بالمجتمع و نظامه السياسي و الاقتصادي يترتب عنه جزاء.
2- العلاقة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة:
أ‌- تعريف الإرهاب: الإرهاب عنف منظم و متصل بقصد خلق حالة من الرعب و التهديد الموجه إلى الدولة أو جماعة سياسية لترتكبه منظمة بقصد تحقيق أهداف سياسية(2).
- تعريف الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب: "إنه فعل من أفعال العنف أو التهديد أي كان بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي و يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو توزيعه بإيذائهم أو تعريض حياتهم و أمنهم إلى الخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة و احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض الموارد الوطنية للخطر"(3).
ب‌- أوجه الشبه بين الجريمة المنظمة و الارهاب:
* تعتمد كل من الجريمة المنظمة و الارهاب على تنظيمات سرية معقدة تضفي نوع من الرهبة و السرية على العمليات الإجرامية في ظل مجموعة من المبادئ و القواعد الداخلية الصارمة القصوى لكل من يخالفها من الأعضاء أو المتعاملين معها.
* تماثل الهياكل التنظيمية للإجرام المنظم و الارهاب في ظل طبيعتهما العابرة للحدود و وسائلهما غير المشروعة.
* وحدة التهديدات التي تشكلها الجرائم المنظمة و الارهاب على الأمن و الاستقرار الوطني و الدولي.

(1): الجريمة المنظمة. متحصل عليه: http://www.homat-alwatan.gov.kw .
(2):يونس زكور، مرجع سابق.ص02.03 .
(3):المرجع نفسه.ص20.
* يتسم كل منها بالنزوح نحو العالمية وعبور الحدود ، فالجماعات الإرهابية مثلها مثل الجماعات الإجرامية المنظمة ، قد تعتمد إلى تجنيد إتباعها في دولة، وتدريبهم في دولة أخرى.

ج- أوجه الاختلاف بين الجريمة المنظمة والإرهاب:
* إن الارهاب يهدف إلى تحقيق أهداف و مطالب سياسية ، بينما تسعى منظمات الجريمة المنظمة إلى تحقيق أرباح مالية بطرق و أساليب غير مشروعة .
* الجريمة الإرهابية يمكن إن تقع من مجرم واحد و هو ما أشارت إليه النصوص التشريعية التي عرفت الارهاب بعكس الجريمة المنظمة فهي دائما جماعية .
* الإرهابيون يرفضون غالبا الاعتراف بجرائمهم و يرفضون وصف ما يقومون به من إرهاب " بالجريمة "، وقد يقومون بإصدار تصريحات سياسية بعد القيام بجريمة بينما الجريمة المنظمة فتحافظ على سريتها و تحرص على إخفاء أنشطتها (1).
3 - التاريخ و النشأة:
الجريمة المنظمة ظاهرة وجدت بوجود الإنسان منذ بدا التاريخ ففي العصور القديمة كانت المجتمعات البدائية تتشكل على هيئة تجمعات قبلية توفر لنفسها نظاما اجتماعيا تعتمد عليه في الأمن و الاستقرار. ومع ظهور و ازدياد الحضارات و خاصة الحضارة الفرعونية ، وجدت الجريمة المنظمة بصورة بدائية كالسرقة بواسطة العصابات تنتشر على مشارف الأهرامات ، تقوم بسرقة المعابد و المقابر بسبب احتفاظ الفراعنة بكنوزهم فيها . وفي بداية القرن الثامن عشر ظهرت التشكيلات الأولى لجماعات المافيا و نعني " العائلة الايطالية " حيث تعتبر أقدم وأشهر جماعات الجريمة المنظمة ، وقد تشكلت هذه العصابة نتيجة هروب بعض الألبان خلال الفتح العثماني إلى جزيرتي صقلية فكونوا جماعات مسلحة فرضت سيطرتها على هذه الجزر فتولت حماية الضعفاء مقابل إتاوة ، تطورت إلى إرغام الأهالي على دفع الإتاوة رغما عنهم و ذلك مقابل عدم الاعتداء عليهم و على أموالهم وممتلكاتهم و من صقلية انتشرت جماعات المافيا في جميع أنحاء ايطاليا

(1):يونس زكور، مرجع،ص3-4 .
في منتصف القرن الثامن عشر هاجر عدد من رجال المافيا إلى أمريكا و شكلوا جماعات سميت بالعائلات ، سيطرت بنفوذها على جميع الأنشطة الاقتصادية المحظورة و غير المحظورة و على اتحادات العمال و النقابات المختلفة .
ومن أمثلة العصابات المنظمة الحالية : مجموعة المثلث الصيني ، عصابات الياكوزا اليابانية ، المافيا الروسية ، مجموعة الكارت الكولومبية ، التنظيمية الإجرامية النيجيرية ، المافيا التركية ، المافيا المكسيكية ، المافيا الإسرائيلية .(1)
4 -خصائص الجريمة المنظمة :
تمتاز الجريمة المنظمة بعدة خصائص تجعلها تختلف عن الجرائم العادية و هذه الخصائص أو السمات تتجسد فيما يلي: (2)
أ – التخطيط: يعتبر العامل الأهم في الجريمة المنظمة، فهو يكفل لها النجاح و الاستمرار، و يتطلب أفرادا مؤهلين و ذوي خبرة عالية.
ب – الاحتراف : و هو شرط من شروط الجريمة المنظمة لان الهدف منها هو الكسب المالي السريع في وقت قصير ، و هذا الهدف ليس من أهداف الذين يبحثون عن الكسب المشروع .
ج – التعقيد : و يعتبر شرطا من شروط التنظيم فالأمر البسيط لا يحتاج إلى تنظيم وهو سرعان ما ينكشف أمره بوضوح أسبابه .
د – القدرة على التوظيف و الابتزاز : الإجرام المنظم ذكي في اختيار الأشخاص الذين يتعاملون معهم ، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و له القدرة على شراء ضمائر الأشخاص أو تخويفهم و الضغط عليهم .
ه – الخطورة على المجتمع : لا يستطيع القضاء أن يثبت الجريمة المنظمة في كثير من الأحيان لعدم توفر الادلة لان الاشخاص الذين يقومون بالجريمة اصحاب خبرة يعتمدون على التخطيط و التنظيم اساس عملهم ، و تاتي خطورتهم من كونهم موجودون و يمارسون الاجرام ولكن لا عقوبة ضدهم .


(1): الجريمة المنظمة.مرجع سابق ،ص1 .
(2):المرجع نفسه،ص2-3 .
م- الهدف : تهدف الجريمة المنظمة إلى الكسب المادي السريع .
ي – التأثير على المجتمع : تؤدي نتائجها إلى تعطيل التنمية و الفساد في الدولة .
ن – التركيز على التحالفات الإستراتيجية : أي أن تعقد تحالفات مع غير من المنظمات الإجرامية المحلية و عبر الدول و هذا لتفادي التناحر و التصادم بين هذه المنظمات الإجرامية .
و – الطابع الدولي : تتصف أنشطة الجريمة عبر الدول بأنها لا تختصر على إقليم الدولة الواحدة فحسب ، بل تتعداه إلى أقاليم الدول الأخرى .
أما التقاليد الإجرامية لعصابات الجريمة المنظمة فهي : البناء الهرمي لتشكيل العصابة ، اجتياز الأعضاء الجدد لاختبارات القبول ، الطاعة العمياء و الولاء المطلق للرؤساء ، تغليب مصلحة العصابة على مصلحة إفرادها ، صرامة النظام الداخلي ، الالتزام بقواعد السلوك ، التكفل بأعضاء العصابة ، تقسيم مناطق النفوذ ، الثار من الخصوم ، السعي إلى استمالة الرأي العام .















5- مظاهر الجريمة المنظمة:
تعدد صور و أنواع الجريمة المنظمة بحسب تكور المجتمعات و وسائل التكنولوجيا و من صور الجريمة المنظمة ما يلي:
1. الاتجار الغير مشروع بالمخدرات:(1)
تشكل ظاهرة إنتاج وتعاطي المخدرات مشكلة عالمية لا يكاد يخلو المجتمع إنساني من آثارها كما أن تكاليف الإجراءات الدولية و المحلية لمكافحة انتشار المخدرات و التوعية بأضرارها و علاج المدمنين سنويا تقدر بـ:120 مليار دولار فتجارة المخدرات تمثل نسبة 8 % من مجموع التجارة العالمية ، حسب ما جاء في تقرير الأمم المتحدة لسنة 2000.
كما أن الاتجار في شتى أصناف المخدرات عبر العالم تختلف من دولة لأخرى حسب طبيعة الاقتصاد و مستواه في تلك الدول فالضرر الاقتصادي يتمثل في عدم قدرة الجهاز القائم على تحديد و حساب الناتج الداخلي الخام و الناتج المحلي الإجمالي بدقة نظرا للأموال الطائلة و المتداولة في السوق و التي يصعب تقديرها.
- تحتل كولومبيا المرتبة الأولى على رأس الدول التي تنتشر فيها زراعة المخدرات حيث قدرت مساحة الأراضي المستغلة في زراعة الكوكايين بـ:150 ألف هكتار و يقدر المحصول من الكوكايين بـ: 650 ألف طن حسب إحصاءات 2001
- كما تعتبر المكسيك منطقة مثلى لتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية و بكميات هائلة تقدر بمئات الأطنان و تجلب إيرادات سنوية معتبرة يفوق الناتج الوطني الخام لدولة المكسيك.
- أما في العالم الإسلامي فقد ذكر تقرير الأمم المتحدة بان من دول العالم الإسلامي و التي تقوم بزراعة و إنتاج الأفيون بكميات كبيرة هما أفغانستان وباكستان.
و مما سبق يمكن القول أن لتجارة المخدرات الحظ الكبير و الوافر في الجريمة المنظمة و أن عوائدها تستغل لنشاطات أخرى.

(1): بسمة عولمي، "جريمة تبييض الأموال و خطر المخدرات على الاقتصاد و سبل مكافحتها". جريدة الشعب، العدد 14492 فيفري 2008 ص 11-22.
2. الاتجار في الأشخاص:(1)
أضحت مشكلة الاتجار في الأشخاص أحد التحديات الكبرى التي تهدد أمن و كيان المجتمع و البشرية و استقرارها، كما أصبحت جرائمها تحتل المركز الثالث في الأرباح بعد تجار السلاح و المخدرات فضلا عن أنها أصبحت أكثر نموا و اتساعا حتى أصبحت مشكلة عالمية تحضي جميع دول العالم سواء كانت تلك الدول نقاط تجمع أو محطات عبور أو وجهة نهائية لتلك التجارة، و تعد جرائمها الآن من الجرائم الدولية المنظمة العابرة للدول أو ما يسمى عبر الوطنية. و يشكل الاتجار بالأشخاص و خاصة النساء لغرض الاسترقاق الجنسي أحد الأنشطة الرئيسية التي تضطلع بها المنظمات الإجرامية نظرا لما يحققه من أرباح عالية.
و قد نشطت المنظمات الإجرامية في ممارسة هذا النشاط الخطير على الصعيد الوطني و الدولي و أشهر المنظمات الإجرامية عبر الدول الكبرى التي تضطلع بهذه التجارة جمعيات الثالوث الصينية Traids و الياكوزا Yakoza اليابانية(2).
و يقصد بتعبير الاتجار بالأشخاص كما عرفه بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع و معاقبة الاتجار في الأشخاص بأنه"تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة تهديد أو بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال و يشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال الغير بأشكال متعددة كالصخرة أو الخدمة قصرا أو استرقاق أو الممارسات الشبيهة بالرّق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء"(3).








(1): الشريعة الإسلامية سبقت القوانين الدولية في حفظ كرامة الإنسان و حقوقه. متحصل عليه: http://childhood.gov.sa .
(2): يوسف داوود ، كوركيس، الجريمة المنظمة، عمان: الدر العملية الدولية و دار الثقافة للنشر و التوزيع.2001، ص 68.
(3): نفس المرجع. متحصل عليه من http://childhood.gov.sa.
3. تهريب المهاجرين غير الشرعيين:
يعد تهريب المهاجرين غير الشرعيين (Sumuggling of Illegal Migrants) أحد المظاهر المميزة للتطور الخطير الذي آلت إليه الجريمة المنظمة عبر الدول و تقدر الأرباح المحققة من هذا النشاط بنحو (3.5 مليار دولار سنويا) و تضطلع المنظمات الإجرامية بتهريب أعداد كبيرة من المهاجرين الذين يغادرون بلدانهم لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية و تقودهم بإدخالهم بصورة غير مشروعة إلى البلدان المتقدمة، و تشكل الهجرة خطرا على سيادة الدول المستقبلة لها إذ أن وجود المهاجرين غير الشرعيين في إقليم الدولة يشكل خرقا لسيادتها، كما أنه يعرض المهاجرين أنفسهم لمختلف أنواع المعاملات اللاانسانية الماسة بالكرامة(1).
4. غسيل الأموال:
إن مصطلح غسيل الأموال يتضمن العديد من التعريفات إلا أنها متفقة في المضمون حيث عرفتهم اللجنة الأوروبية لغسل الأموال عبر دليلها أنه "عملية تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة إجرامية بهدف إخفاء و إنكار المصدر الغير شرعي و المحظور لهذه الأموال أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا المجرم"(2).
و تعد متحصلات المخدرات المصدر الأول لغسل الأموال، إلا أن الأنشطة الرئيسية التي تقوم عليها الجريمة المنظمة و التي يتم غسل عائداتها لا تقتصر على المخدرات فقط بل تشمل أنشطة أخرى منها الاتجار غير مشروع بالأسلحة و الاتجار غير مشروع بالآثار و تزييف العملة(3).
و استخدم مصطلح" غسيل الأموال " لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1920 و ذلك عندما لجأت عصابات الشوارع إلى البحث عن وسيلة تضفي بها صفة المشروعية على عائداتها الإجرامية التي تحصلت عليها عن طريق الاحتيال.




(1): يوسف داوود ، كوركيس، المرجع نفسه، ص 74.
(2): غسيل الأموال المفهوم و المدى. متحصل عليه: http://www.qalqilia.edu.ps.
(3): يوسف داوود ، كوركيس، المرجع نفسه، ص 80.
و يرى البعض أن أول استخدام له في سياق قانوني أو قضائي حصل في قضية ضبط في الولايات المتحدة الأمريكية اشتملت على مصادرة أموال إلا أنها أموال مغسولة و ناتجة عن الاتجّار غير المشروع بالكوكايين الكولومبي، ثم أصبح هذا المصطلح متداولا في كافة المحافل المحلية و الإقليمية و بات من المصطلحات الثابتة التي تستخدمها الأمم المتحدة غي تقاريرها و مؤتمراتها الدولية كافة.
- مراحل غسل الأموال: تمر بثلاث مراحل (1):
*المرحلة الأولى: Placement و تسمى مرحلة الإحلال وتبدأ بقيام غاسل الأموال بمحاولة إدخال الأموال النقدية المتأتية من نشاطه غير المشروع إلى النظام المصرفي و الهدف منها التخلص من كمية النقود الكبيرة في يد مالكها. و ذلك بنقلها إلى مكان الهدف.
*المرحة الثانية:Alyering و تسمى مرحلة التغطية، حيث يتم طمس علاقة تلك الأموال مع مصادرها غير المشروعة من خلال القيام بالعمليات المالية و المصرفية المتتالية.
*المرحلة الثالثة: Integration و تسمى مرحلة الدمج، حيث من خلالها يتم دمج الأموال المغسولة في الاقتصاد بحيث يصبح من الصعوبة التمييز بينها وبين الأموال من المصادر المشروعة.
- الأثر الاقتصادي لغسيل الأموال(2): أشارت بعض التقديرات إلى أن حجم الأموال التي يجرى غسلها في العالم تقدر بما بين نصف تريليون و ثلاثة تريليونات دولار سنويا بينما ترتفع تقديرات أخرى هذا الرقم إلى مابين 1.5 تريليون دولار سنويا، أي 5/10% من الناتج المحلي الإجمالي لجميع دول العالم. و عليه فإن ظاهرة غسيل الأموال تضف من قدرة السلطات و القيادات الاقتصادية على تنفيذ برنامجها المالي و تحقيق أهدافها الكلية فالتحولات المالية الكبيرة و المكثفة في حركة الأموال المغسولة تؤثر سلبا على أسواق المال و مستويات أسعار الصرف.





(1): يوسف داوود ، كوركيس، المرجع نفسه، ص 80.
(2): غسيل الأموال المفهوم و المدى. مرجع سابق ، متحصل عليه: http://www.qalqilia.edu.ps.

5. الإرهاب الالكتروني: (أو الرقمي ) Electronic or digital terrorism
هو مصطلح يشير إلى ثقافة سلبية عبر الانترنت ذات خطورة خاصة. فالإرهاب الالكتروني مظهر من مظاهر العدوان على امن الدول باستخدام الانترنت ، ومن مظاهر السلبية الخطيرة اتساع رقعة تصنيف الجريمة التقليدية في القانون الاجتماعي و خصوصا في قانون العقوبات النيوكلاسيكي . و ذلك باستخدام الأداة التشريعية و الإعلامية في هذا الشأن ، لذلك كان النداء المتواصل من الفقه و الأكاديمية و خبراء السياسة و المجتمع و القانون بضرورة التواصل إلى صيغة اتفاقية لهذا المصطلح الجديد حتى يمكن أن تتضح صورته الكلية التي من خلالها يمكن توجيه الشرعية و المشروعية لمواجهة و الحد من انتشاره.(1)


















(1): الملتقى الأكاديمي العربي الأول حول الإرهاب الإلكتروني. متحصل عليه: http://www.arabo.org.eg
III :دراسة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في منطقة الساحل الافريقي:

1 : تعريف دول الساحل:

قدمت العديد من التعاريف لدول الساحل من بينها
ا- التعريف اللغوي:تعني الشاطئ ،ريف الشاطئ ، شاطئ الصحراء
ب- التعريف الجغرافي :
من الناحية الجغرافية البحة فإنها أي دول الساحل تميز المنطقة الوسطية الواقعة بين الصحراء و إفريقيا الاستوائية
ليشكل بدلك الساحل منطقة ايكولوجية الإمطار فيها ليست وفيرة وغير معتدلة و تتساقط خلال موسم رطب وحين يتبعه موسم جاف يدوم أشهر طويلة(1).
ج- التعريف الجيوسياسي :
يستخدم للدولة علي دلك القوس الذي يظم السودان،المالي ،النيجر،التشاد: الجنوب الجزائري و نقاط الأطلنطية في أقصي الغرب(2)
كما يقصد بها الحزام الحدودي الذي يحيط بالجزائر من السودان حتى موريطانيا و هناك من يضيف غينيا،بيساو،الرأس الأخضر،بوركينافاسو
د- التعريف الجغرافي العسكري:
يضم دول الشمال إفريقيا و دول الساحل السودان،مالي ،النيجر،تشاد،موريتانيا،إضافة للسنغال(3).






(1) سعودي خالد كريم بالقاسم: سياسة فرنسا في دول الساحل (مذكرة ماجستير فرع علاقات دولية أكتوبر 1993 ) ص1
(2) محمد بن مسفر،عبد الخالق الشم راني:الجريمة المنظمة سياسة المكافحة في التشريع الإسلامي و القانون و القانون الجنائي ،رسالة ماجستير أكاديمية نايف للعلوم الامنية2006 ص5
(3) المرجع السابق ص5
2 : سمات المنطقة أي طبيعتها

جغرافيا هي منطقة صحراوية ،دولها شاسعة المساحة ذات مناخ قاس مما ينعكس سلبا علي مستويات التنمية والي بلدان الساحل ليس لها نفس الوضعية الجغرافية كي تختلف من حيث المارد الطبيعية.

النيجر و موريتانيا لا تسمح لهما حدودهما من الاستفادة من المقاطعات السودانية الجد مسقية بل يمتدان علي مناطق صحراوية واسعة المالي و التشاد من مناطق صحراوية راسمة داخل حدودهما لكنهما يضمان مناطق سودانية علي طول الساحل و السودان (1) .

عندما نتكلم عن دول الساحل نقصد بها مجموعة بلدان إفريقيا الغربية التي تضم مناطق ساحلية و تعاني من المجاعة و الإمراض و الجفاف و التي كثيرا ما تستنجد بالمساعدة الدولية.

* التعدد العرقي و الذي كان سببا للعديد من النزاعات و الحروب الأهلية
* ارتفاع نسب الفقر و تراجع مستويات التنمية حيث تتراوح نسب مستوي الدخل الفردي بالنسبة للدخل العالمي في هده المنطقة كالتالي :
من 0.004% بالنسبة لصومال الي 0.01% بالنسبة لمالي ،النيجر،التشاد،السودان 0.04% موريتانيا 0.003% (2) .







(1) سعودي خالد – المرجع السابق ص 2 ,
(2) محمد بن مسفر – المرجع السابق ص 5 .





- لقد عرفت دول الساحل الإفريقي في السنوات الأخيرة تنامي ظاهرة مرضية ألا و هي الجريمة المنظمة بكل أنواعها و أشكالها من غسيل الأموال إلى التجارة بالأعضاء البشرية إلى تهريب الأسلحة و كذا تهريب السجائر خاصة في منطقة ديكال المالية التي تعتبر أهم منطقة أو الحلقة الأساسية لتهريب السجائر، كما تعرف دول الساحل تنامي ظاهرة خطيرة ألا و هي تجارة المخدرات التي تعرف نموا سريعا خاصة بعد تحول المنطقة إلى مكان عبور للمخدرات الصلبة مثل الهيروين ، الكوكايين و الكراك من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا عبر إفريقيا الغربية ثم الساحل الإفريقي و عبر المغرب العربي (1)، إذ أنه حسب إحصائيات قدمها مكتب الأمم المتحدة سنة 2007 تم حجز 49 كلغ من الكوكايين بقيمة 10 ملايين دولار، كما تم حجز 4 أطنان من المخدرات الموجهة نحو شرق أوربا عن طريق المرغب و شمال إفريقيا كما تم حجز 75 كلغ من الكوكايين على الحدود الجزائرية المالية قدرت قيمتها بحوالي (2) 45 مليون دولار بالقرب من منطقة تنزاوتي 500 كلم إلى الجنوب الغربي من مدينة تمنراست.
حيث جاء على لسان إمنوال لوكير نائب مدير مكافحة الجريمة المنظمة و تجارة المخدرات عندما قال " إن بعض دول إفريقيا الغربية التي تقع خلف الشريط الحدودي الجنوبي للجزائر أصبحت طريقا مفضلا وجد نشط للتجارة الدولية للكوكايين الوافد من أمريكا اللاتينية في اتجاه أوربا " و لاحظ أن ذلك بدأ بتكريس منذ بداية 2005 .
و تشكل المخدرات تهديدا كبيرا لدول الساحل خاصة في الجانب الاقتصادي ناهيك عن ويلاتها في الجانب الاجتماعي.
و يمكن إرجاع ظهور هذه الظاهرة المرضية ( الجريمة المنظمة) في منطقة الساحل للأسباب التالية:
3 :الحركيات السببية المؤدية للظاهرة
* طبيعة المجتمعات في المنطقة مفككة أثنيا ، و قبليا و عرقيا جعل من عجلة الاندماج الاجتماعي عملية جد صعبة خاصة مع غياب ثقافة سياسية وطنية موحدة هذا أنتج أزمات داخلية ذو تركيبة معقدة يصعب التحكم فيها و مراقبتها مثل أزمة دارفور في السودان، الطوارق في المالي و النيجر ، الاضطرابات العرقية في

د امحند برقوق : الساحل الإفريقي بين التهديدات الداخلية و الحسابات الخارجية،( جريدة الشعب الجزائر ، العدد الأول ، جانفي 2008 ) ص13.
د امحند برقوق : المعضلات الأمنية في الساحل الإفريقي و تداعياتها على الأمن الوطني الجزائري ،( مجلة الجيش ، مديرية الإعلام و الاتصال و التوجيه ، الجزائر ،العدد 534 ، جانفي 2008 ) ص 52,

موريتانيا و الصدامات الاثنية و حتى القبلية في التشاد 1

فدول الساحل ليس لديها انضمام حماية نتجانس و هي غير قادرة على المراقبة الذاتية أي ضعف هذه الدول على مراقبتها حدودها و كدا غير قادرة على الإدارة لأمنية لأراضيها مما يؤدي إلى سهولة العمل الإجرامي المنظم و سهولة الاتصال بين المنظمات الإجرامية الغير و وطنية و ذلك سيعود للحركات السببية التالية :

1) إفلاس الدولة : و الذي يعود إلى مجموعة من العوامل :
أ- النظام القبلي : الذي يحكم الكثير من الدول هذه المنطقة و يزداد تأثيره في الدول التي تهيمن فيه الاثنية علي على حياتها السياسية.
ب-السيطرة الاستعمارية :التي عملت و ما زالت تعمل على إشاعة الفوضى و التفرقة بين الفصائل عن طريق تقسيم الأقاليم بطريقة تعسفية دون مراعاة الجانب الاتثربولوجي للمجموعات و تعتبر حالة التو ارق أو الطوارق أحسن مثال على ذلك حيث تم تقسيم في ستة مناطق مع تقسيم الحدود .
ج- التقسيم الغير عادل للثروة / و الذي أدى إلى
تهميش سياسي و اقتصادي و الذي أد إلى التمرد و العنف السياسي خاصة الطبقات الاجتماعية التي يمسها التهميش .
د- ضعف الأداء الاقتصادي للدولة : و الذي ينتج عن الحركيات السببية التالية:
1) سمات المنطقة الساحلية : المتمثلة في الجفاف ، قلة المطر ، نقص المياه الجوفية، هشاشة الأرض يسميها البعض ب نطاق الجوع صف إلى دالك الاحتباس الحراري الذي يؤدي في تأزم الوضع البيئي للمنطقة هنا الوضع البيئي كان عاملا ضد الدولة و معرقل لها في عملها على تحسين الوضعية الاقتصادية ) الأمن الفدائي لشعوبها
2) ضعف الآلية المتبعة من طرف المؤسسات الحكومية .
- ضعف للبنى التحتية +عدم الاستقرار في الإنتاج الزراعي
- ضعف و سوء تسيير الموارد الباطنية خاصة) البترول ، الغاز الذي يستغل لصالح النفقات العسكرية أو المصلحة القبلية و الذي يؤدي إلى الإحباط و العنف و المطالبة بالحقوق الاقتصادية و السياسية



1-أمحند برقوق: مرجع سابق.ص.12.




3)النزاعات و الصراعات الداخلية الناتجة عن التناقض الاثني الذي يعتبر أهم سبب مفجر لصراعات الداخلية.
و تكون هذه الصراعات خطيرة عندما يكون سببها ديني مثل : الصراع بين الشمال المسلم و الجنوب المسيحي مثل : ما هو حاصل في السودان و التشاد .
كما ظهر نوع أخر من الصراعات و هو النزاع الشمالي –الشمالي مثلا ما يحدث الآن في دارفور و التشاد(1)
صف إلى ذلك وجود أو اندلاع صراعات جواريه عنيفة كالصراع الاريثيري –الاثيوبي الذي تفجر 1998 (2)
هذه الصراعات تقف أمام الإصلاحات الاقتصادية تعرقل التنمية و كذلك المساعدات الخارجية الغذائية و المالية مما يزيد من إضعاف دول هذه المنطقة التي هي في أصلها فاشلة و عاجزة

هذا كله يزيد من لأعباء و المسؤوليات الموضوعة على كاهل دول الساحل حيث لم تستطيع هذه الأخيرة من خلق سياسة متطورة و متجانسة قائمة على المساواة و احترام الحقوق و الواجبات للجميع دون استثناء و كدا توفير صفقات عادلة للجميع و كنت النتيجة التي اتبعتها هذه الدول كالتالي:
نظم عسكرية : لان استمرار رحلات الصراعات و النزاعات و المستمرة ولد نزعة تسلحيه لهذه الدول من اجل مقاومة و مواجهة المتمردين داخليا و خارجيا لان طبيعة النزاعات في هذه المنطقة تتم بترابط و التعقد بحيث حدوث أي نزاع قد يؤدي إلى اندلاع نزاعات أخرى مجاورة (3) .
و ما زاد على هذه الدول هو التدخل الأجنبي الذي حرك هذه النزاعات في كثير من الحيان لما يخدم مصالحه الخاصة في السودان و التشاد.
- فنظام التسلح هذا أدى إلى الشعور بالاتحاد و نقص في الحوار و الاتصال و التوافق بين القمة و القاعدة و شجع قانون القوة فكان تدخل طرف ثالث ضرورة حتمية و الذي أدى بالضرورة ة إلى زيادة تأزم الوضع لا حله.
و يمكن القول أن كل هذه العوامل أدت إلى إضعاف السلطة المركزية للدولة على إقليمها .


1
Sec rite et stabilité dans le sahel africain : situation présente et prospective, académique reserch branche 2006.p.3
2 التقرير الاستراتيجي الإفريقي.( مركز البحوث الإفريقية. جامعة القاهرة.سبتمبر.2002.ص266.
Ibid.p3


و بتالي هذا يؤدي بالضرورة إلى سهولة نشوء المنظمات الإجرامية التي تستغل هذه الأوضاع من غياب للدولة و ضعفها إلي حالات اليأس لدى الإفراد و بسبب ما يعانونه من ضيق و تهميش و أوضاع اقتصادية مزرية تؤدي بكثير من فقدان حياتهم و هذا ما يتوجب الحديث من محرك سابي من اخطر المحركات السببية الواضعة للإجرام الدولي الفقر الذي هو أقل أنفاق تحتاجه أي أسرة لتلبية احتياجاتها الغذائية.
الفقر : فمنذ فترة طويلة أكد الفلاسفة و المحامون الاجتماعيون هو أن الفقر يلعب دورا مهما في تدهور الفرد إلى ممارسة الإجرام و هذا ما لاحظناه في منطقة الساحل هذه الدول التي تعاني من اقتصاد مفكك الناتج عن سوء التنمية الداخلية إضافة إلى سوء أو ضعف نسبة التبادل الداخلي مما أدى إلى اللجوء إلى المساعدات الخارجية و السوء من ذلك هو سوء الاستخدام لهذه المساعدات الخارجية و التي هي في حد ذاتها مرفقة بشروط سياسية و اقتصادية تخضع الدول المقرضة أو الدائنة و الذي أدى في نهاية
نهاية المطاف إلى هذه الدولة مثقل كاهلها بديون و أصبحت تعيش استدانة مفرطة الأمر الذي زاد في تعقد الوضع و الذي أدى إلى جريمة غسل الأموال في هذه الدول بتحديد فهي تعتمد في ميزانيتها السنوية على رؤوس أموال تتدفق إليها في بنوكها دون النظر إلي لمصدرها لأنها بحاجة إليها و هي بذلك تشجع هذه الجريمة و التي تعد جد خطيرة على الاقتصاديات الوطنية و تجعلها مهددة بالانهيار في أي لحظة لأنه يؤدي على تركيز الاقتصاد في يد في يد هذه المنظمات الإجرامية و بالتالي سيطرتها على دفة الحية الاقتصادية في هذه الدول (1)
- و الفقر ظاهرة مرضية ناتجة عن عدة أسباب :
- ا) و هي الجفاف الناتج عن قلة الأمطار و التصحر و هذا الأخير ناتج عن قطع الغابات حيث أن نسبة التعرية بلغت 300.000 هكتار في السنة بينما لا يتجاوز التشجير نسبة 10000 هكتار في السنة ، حيث انه من بين 10000 هكتار من الأشجار المغروسة لا تعيش سوى 200 اما الباقي فيختفي لنقص الصيانة .
- إضافة إلى الجفاف و التصحر أدى غزو الجراد في عامي 2002/2004 إلي، التأزم الوضع حيث قضى هو الأخير على ما تبقى من المحاصيل الزراعية خاصة في التشجير
- و كذلك من أسباب الفقر هو ضعف الأداء الاقتصادي أي الاعتماد على آليات قديمة في الإنتاج الزراعي حيث انه في النيجر تعتمد على آليات بالية لم تتطور منذ 4 قرون أي زراعة بدائية محرومة من البني التحتية و التجهيزات الضرورية و الملائمة لا استعمال
- أراضي قاحلة جدا . (2)


1
- نسرين عبد الحميد: الجريمة المنظمة العبر الوطنية ،( الإسكندرية دار الفكر الجامعي،2006).ص.25
2 - التقرير الإفريقي: مرجع سابق.ص498
- و كذلك اعتماد أكثر المزارعين على المحاصيل المرهونة بنزول الإمطار الموسمية و كذلك الاعتماد على المحاصيل التصديرية الموجهة للخارج على حساب المحاصيل الزراعية الاستهلاكية .
- 5) كذلك من أسباب الفقر الزيادة السكانية المرتفعة حيث تأكدت تنبأت مالتوس التي وضعها أن الزيادة السكانية الطبيعية تفوق دائما الزيادة الممكنة للإنتاج الغذائي و هو ما يحدث في دول الساحل التي يزيد الإنتاج فيها غي حالات المطر إلى 1.5 بالمائة بينما تزيد الكثافة السكانية بنسبة 2.7 سنويا
و بالتالي عجز الإنتاج الزراعي في ملاحقة الزيادة السكانية السريعة.

- و كذلك في من تأزم الوضع هو انبعاث الغازات التي أدت إلى الاحتباس الحراري و هدا ما سوف ينجر عنه تهديدات خطيرة على المدى الطويل في القارة السوداء التي تعد الأكثر تضررا(1) من هدا التلوث و الذي سوف



يؤدي لا محالة إلى زيادة و استمرار حالة الفقر في هده المنطقة حيث عانت موريتانيا النيجر بوركينافاسو من موسم الجوع و كانت النيجر أسوئها حالا و التي مازالت تعاني من فقر موقع و نتيجة لاستمرار حالات الفقر أدى دلك إلى المجاعة التي من الآن السمة الغالبة لكل دول الشريط أي انعدام الأمن الغذائي و المائي.
7-الاضطرابات الاجتماعية الناتجة عن الاختلافات الاثنية و العرقية و القبائلية و كذلك ناتجة عن الصراع حول الموارد بدرجة الأولى نظرا لقلتها و ندرتها.
و كذلك ناتجة عن انتقال الأفراد بحثا عن الموارد و الماء الصالح للشرب هدا الانتقال بين الأقاليم أو حتى داخل الدولة ذاتها خلق حالة من الاضطراب الاجتماعي نتيجة للاختلاف هده الجماعات البشرية عن بعضها البعض و كذلك حول الاستفادة من الموارد القليلة و المياه الصالحة للشرب.
مما أدى هدا الانتقال أو ما يسمى بنزوح اللاجئين بحثا عن الموارد أو هروبا من الصراعات إلى خلق ضغوط على الدول المستقبلة التي هي في أصلها غير قادرة على توفير الأمن الغذائي لمواطنيها ناهيك عن اللاجئين هدا ما زاد في تأزم مشكلة الغداء أي الفقر و بالتالي المجاعة.
و من نتائج الفقر سرعة انتقال الأمراض الخطيرة و المعدية مثل الايدز و السيدا و الكوليرا و السحايا و الملا ريا بسبب سوء التغذية و التلوث كذلك من نتائج الفقر ارتفاع نسبة الأمية بمعدات لا ياستهان بها و النسب التالية تبين لنا الوضع المتأزم في منطقة الساحل الذي كان السبب وراء جعل هده المنطقة بيئة خصبة لوجود و انتشار الجريمة المنظمة أي أن هده الأوضاع ساعدت على إيجادها و استفحالها .
تعتبر دول الساحل من الدول الأقل نموا في العالم حسب تقرير الأمم المتحدة (2006) خاصة النيجر من الأقل نموا من حيث الدخل الفردي المقدر بأقل من دولار واحد في اليوم.






(1)إفريقيا في الخط الأول (مجلة الجيش مديرية الإعلام و التوجيه الجزائر العدد(534) جانفي 2008 ص 37

نسب الفقر:

في التشاد80 % السودان 40%

النيجر 83% مالي 64% موريتانيا 40%

40% من السكان يعيشون تحت الخط الفقر
300 مليون شخص يعانون من مشكل اللجوء إلي أو الوصول إلي المياه الصالحة لشرب وكذلك حسب أسبوعية جون أفريك انتليجنس فان14 بلد إفريقي يعاني اليوم من ندرة المياه ( اقل من 1700 م3 من الماء للفرد الواحد سنويا)وقد ينظم إلي هدا العدد 9 دول أخري خلال الثلاثين سنة القادمة أي سوف يصل العدد إلي 600 مليون شخص خاصة مع تزايد نسبة التصحر(2)
20% يعانون من فقر الخدمات الصحية في إفريقيا
كي يموت ميأت الآلاف من الأطفال سنويا بسبب اللجوء وسوء التغذية
يعاني 3.2 مليون طفل دون سن أل 5 من سوء التغذية الحاد
النيجر يموت 150 ألف طفل جوعا و 61% من السكان يعيشون تحت خط الفقر و في العالم 882 مليون شخص يعانون من الجوع منهم 2.6 مليون في إفريقيا و هدا حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
تحتل المالي المرتبة 174 من بين 177 حسب قائمة الدول الأكثر فقرا و هدا حسب مؤتمر البشرية الذي صدرته الأمم المتحدة لعام 2004

الأمراض :

2006 => 1.018 حالة كوليرا
2006=> 4.103 حالة سحايا
الملا ريا 75000 حالة في سنة 2005 و 2054 حالة وفاة

وانتشار مرض الكوليرا الذي بدا في أكتوبر 2005 و استمر في 2006 في بوركينا فاسو – مالي – النيجر- موريتانيا أكثر من 700 موتي

يموت طفل من كل خمس أطفال قبل سن الخامسة بسبب الأمراض النفسية و المياه الغير معقمة وسوء التغذية









1) دا محند برقوق: مرجع سابق.ص5

(2) إفريقيا في الخط الأول مرجع سابق ص 37
الأمية:

بحيث يلاحظ وجود نقص في التوجه نحو التعليم لدي الفتيات حيث تبلغ نسبا لامية, في منطقة الساحل درجات مرتفعة تصل إلي نسبة 85% في النيجر تليها بوركينافاسو بنسبة 77%(1)

و بالتالي يمكن القول انه أمام هده التهديدات الأمنية التي تطردها هده المنطقة و امام امتداد تاثيرها ليشمل مناطق و دول أخري و حتى قارات أخري من خلال تفشي هده الظواهر المرضية(الجريمة المنظمة،الهجرة السرية للإرهاب)
و إمام الاكتشافات النفطية و الغازية ووجود الاورانيوم ،كل هدا جلب الاهتمام الخارجي بالمنطقة خاصة الفواعل الأساسية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي و الصين مؤخرا والدي خلق نوع من التنافس و الصراع حول المنطقة(من هو المستفيد الأكبر)
يمكن القول انه:
=> وجدت منطقة الساحل نفسها بين ناريين و هما التهديدات المنية و التنافس الخارجي وكل دلك ناتج عن فشل و عجز
هده الدول علي القيام بوظائفها وعليه وبعض عرض جملة من السباب المؤدية للظاهرة يمكن القول انه كلما كانت الأوضاع الاقتصادية مزرية أي عدم قدرة البيئة الداخلية علي الاستجابة لتطلعات السكان يدفع دلك بالفئة الشابة إلي التوجه نحو البحث عن سبل أخري للعيش مادام دولهم لا تقدم لهم حلول ،فيتجهون نحو الفعل الإجرامي كسرقة والتهريب بكل أنواعه و التجارة بالأعضاء البشرية و الدعارة نتيجة حالات اليأس من الحياة التي يعيشونها في بلدانهم وهدا الوضع استغلته المنضمات الإجرامية عبر وطنية لإقحام هؤلاء في العمليات الإجرامية لان هدف الجميع هو الربح أي المال.
_ وحسب الدراسات الإستراتجية يحتمل فشل العديد من دول الساحل مستقبلا بالنظر لضعف الاندماج الاجتماعي العجز الاقتصادي و ضعف البناء السياسي لهده الدول وهدا سوف يؤثر علي الأمن الجهوري للساحل(2) و الناتج كله عن عجز هده الدول عن القيام بوظائفها حيث لعب هدا العجز الدور الكبير في ظهور و استفحال الإجرام المنظم في هده المنظمة بالذات ليطلق عليها اسم قوس الأزمات.












1- Sec rite et stabilité dans le sahel africain : situation présente et prospective, académique reserch branche 2006.p.6



2 د.امحند برقوق: الساحل الإفريقي ، مرجع سابق .ص.13.





4:آليات مكافحة الجريمة المنظمة :
لقد كانت هناك العديد من المبادرات سواء كانت دولية أو إقليمية أو محلية لمكافحة الجريمة المنظمة أو التقليص نم تبعاتها على المجتمعات لهذا نجد أن هيئة الأمم المتحدة و بصفتها الهيئة الأممية أصدرت العديد من المواثيق حول الجريمة المنظمة و منها :
- في تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و في إطار لجنة منع الجريمة و العدالة الجنائية الدورة 12 " فيينا 13 / 22 / أيار ، مايو / 2003 " وفي البند الخامس من جدول الأعمال المؤقت أقرت التعاون الدولي على مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية و هذا لمنع الاختطاف و مكافحة و القضاء عليه و على توفير المساعدة للضحايا(1).
- كما أصدرت هيئة الأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية: و الغرض من هذه الاتفاقية كما تنص في مادتها الأولى هو " تعزيز التعاون على منع الجريمة المنظمة عبر الوطنية و مكافحتها بمزيد من الفعالية "
تتكون الاتفاقية من 41 مادة و بخلاف الأربع مواد التي تتضمن الأحكام العامة و الثماني مواد الأخرى التي تتضمن الأحكام الختامية و تتضمن الأحكام الختامية و تتضمن التسع و العشرون مادة الأخرى بشكل أساسي ما يلي:
- تجريم المشاركة في جماعة إجرامية منظمة و غسل عائدات الجرائم و الفساد و عرقلة سير العدالة.
- تدابير مكافحة غسل الأموال و مكافحة الفساد و تحديد مسؤولية الهيئات الاعتبارية عن المشاركة في هذه الجرائم .
- التعاون الدولي لأغراض المصادرة و تسليم المجرمين و نقل الأشخاص المحكوم عليهم و المساعدة القانونية المتبادلة و التحقيقات المشتركة و التعاون في مجال تنفيذ القانون و جمع و تبادل و تحليل المعلومات عن طبيعة الجريمة المنظمة و التدريب و المساعدة التقنية .
- حماية الشهود و مساعدة الضحايا و حمايتهم .

(1): هيئة الأمم المتحدة، المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، E/cN.15/2003/7/add.1 متحصل عليه: www.un.org
- توفير آليات التنفيذ من خلال إنشاء مؤتمر للأطراف من الاتفاقية من اجل تحسين قدرة الدول الأطراف على مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية و تعزيز تنفيذ هذه الاتفاقية و استعراضه(1).
- كذلك أكد حلف الناتو تبنيه لسياسة مكافحة الاتجار بالبشر و هذا في قمة اسطنبول عام 2004 . وترى هذه السياسة أن الاتجار بالبشر يعتبر جريمة تستحق الإدانة العالمية و تصفه بـأنه "تجارة رّق في هذا العصر"، ولقد قدّرت عدد من المنظمات الدولية عدد الضحايا هذه الممارسات بمئات الآلاف في كل عام كونه مصدرا مهما للدخل المادي الكبير الذي تجمعه المنظمات الإجرامية(2).
- كما جاءت العديد من البروتوكولات المكملة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية و منها:
• بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين برا و بحرا و جوا (أنظر المرفق رقم 01).
• بروتوكول منع الاتجار بالأشخاص و خاصة النساء و الأطفال(3).
- أما على المستوى الإقليمي فقد أكدت جامعة الدول العربية على التنسيق العربي اتجاه اتفاقية الأمم المتحدة حيث عقد مجلس وزراء العدل العرب مؤتمر أعلنوا فيه موافقتهم لبنود اتفاقية الأمم المتحدة وكذا طالبوا الدول العربية التي لم تدخل ضمن هذه الاتفاقيات الانضمام إليها(4).




(1): أحمد يوسف النفيسي، "ماهية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة". متحصل عليه: http://local.taleea.com.
http://www.nato.int . (2): مجلة حلف الناتو. متحصل عليه:

http://www.imsaudi.com .(3): الاتفاقيات و البروتوكولات المكملة لمكافحة الاتجار بالبشر: متحصل عليه
(4): قرار بشأن التنسيق العربي اتجاه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة. متحصل عليه: http://www.arabic.mjustice.dz .
- كما دعت جامعة الدول العربية لمكافحة الجريمة المنظمة و تحديد مفهوم موحد للإرهاب و تهتم هذه التوصيات كذلك بمحاربة الجريمة المنظمة المعلوماتية و إدخال التعديلات على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب و تحديد تعريف موحد له(1).
- كذلك أعدت لجنة تنمية القوى البشرية و الإدارة المحلية لمجلس الشورى تقريرا حول ظاهرة الهجرة الغير الشرعية للدول الأوروبية و دعت اللجنة إلى ضرورة تكثيف الرقابة على المنافذ الشرعية و غير الشرعية و التنسيق الجهود الأمنية و التعاون بين الجهات المعنية و خفر السواحل و تطوير الأساليب المواجهة القانونية بتشديد العقوبة على منفذي الهجرة السرية(2).
أما على مستوى منطقة الساحل الإفريقي فرغم ما تعانيه من خطر الجريمة المنظمة خاصة تجارة المخدرات إلا أن التحرك الإقليمي و الدولي ما زال بطيئا، ففي إطار مكافحة الجريمة المنظمة و الإرهاب جاء إعلان واشنطن عن إجراء مناورات عسكرية بدولة مالي المتاخمة للحدود الجنوبية للجزائر بمشاركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية و بقية دول المنطقة و هي تشاد، مالي، موريتانيا، المملكة المغربية، النيجر، السنغال، و أخيرا نيجيريا رغم الشكوك حول النوايا الحقيقية للولايات المتحدة الأمريكية فهي من جهة تدعو إلى التعاون لمحاربة الإرهاب و الجريمة المنظمة غير أنها ترفض تجسيد هذا المطلب من الناحية الواقعية. فالهدف الوحيد لها هو البقاء في المنطقة كونها غنية بموارد كالنفط(3).
أما عن دول الساحل ففي القمة الرابعة التي عقدت في 6 و 7 فيفري 2002 أكدوا على تطوير التعاون في مجالات الأمن العام و التصدي لظواهر التهريب و الهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة و تجارة المخدرات و تهريب الأسلحة(4).

(1): دعوة لاعتماد اتفاقية لمكافحة الجريمة المنظمة و تحديد مفهوم موّحد للإرهاب، متحصل عليه: http://cherkaoui2006.makatoobblog.com .
http://www.ndp.org . (2): مجلس الشورى يدعو لتكثيف الرقابة على المنافذ الشرعية و غير شرعية. متحصل عليه:
(3): واشنطن تختفي وراء مكافحة القاعدة للإستلاء على نفط في الساحل. متحصل عليه: http://www.alkifrig.com .
(4): الساحل و الصحراء...الحلم لا يزال بعيدا. متحصل عليه. http://www.islamonline.net

ليست هناك تعليقات: